تكون مجهولة لدى الناس وتقع جميعها بين التلال وبين هذه الجبال الجرداء. وتكثر في كل هذه الأراضي النوميدية الأفاعي والعقارب. وتقتل لسعاتها وعضاتها الكثير من الأشخاص في اثناء الصيف. وكذلك ليبيا فهي بلاد خاوية تماما، ورميلة برمتها، ولا يوجد فيها نهر ولا ماء، ما عدا بعض آبار ليست كبيرة العدد، وماء معظمها مالح.
وهناك مناطق لا يعثر فيها المسافر على ماء في أثناء سفره مدة ستة ايام أو سبعة أيام. ويجب على التجار أن يتزودوا بالماء في قرب فوق جمالهم، وخاصة على المسافة الواقعة بين فاس وتومبوكتو، ومن تلمسان الى آغادس. وأسوأ من هذا كله الرحلة المفتتحة مؤخرا بين فاس والقاهرة عبر صحاري ليبيا، غير ان القوافل تمر في هذه الرحلة بجوار بحيرة كبيرة يعيش حواليها أقوام سو (204) والقرعان. (205)
ونصادف على المسافة بين فاس وتومبوكتو بعض آبار مبطنة من الداخل بجلد جمل أو مدعومة الجدران بعظام هذا الحيوان. ومن الخطورة بمكان بالنسبة للتجار القيام برحلة في غير فصل الشتاء، اذ تهب حينئذ رياح السيروكو أو القبلي (206) التي تثير الكثير من الرمل الذي يغطي الآبار، حتى إن الناس حينما يذهبون على أمل العثور على الماء في المواقع المألوفة لا يميزون أبدا أي أثر أو رسم، لأن هذه الآبار تكون محجوبة بالرمل. وهكذا يضطرون للموت عطشا. ويرى المسافرون أحيانا عظام هؤلاء الرجال البيضاء وعظام جمالهم . وتجاه هذا لا يوجد سوى علاج واحد مستغرب كثيرا. اذ يعمد المسافرون الى ذبح جمل وتعصر الكرشة لاستخلاص الماء الموجود فيها ويشرب جزء من هذا الماء ويوزع الآخر الى أن يتم العثور على بئر أو يموتون من العطش. ويرى الإنسان في صحراء أزواد ضريحين مصنوعين من حجارة مهملة نقش فوقهما كتابات تقول ان رجلين قضيا نحبهما هنا. وكان أحدهما تاجرا غنيا أنهكه العطش عند مروره من هذه الصحراء واشترى من صاحبه، وكان حارس قافلة تجارية، كوبا من الماء بعشرة آلاف دينار غير انهما ماتا من العطش، أي التاجر الذي اشترى الماء والذي باعه إياه.
ويوجد في هذه الصحراء الكثير من الحيوانات الضارة، ولكن هناك ايضا حيوانات غير مؤذية. وسأتحدث عنها في الجزء الرابع من هذا الكتاب، حين أعالج موضوع ليبيا،
Página 86