الثالث. وبادر الرعاة بسرعة يجرفون الثلج الذي أغلق مدخل الكهف، وبعد ذلك أو صلونا الى المكان الذي آووا فيه خيولنا التي كانت في مغارة اخرى والتي قدموا لها التبن بغزارة، وقد وجدناها في حالة طيبة. وهكذا انطلقنا، وفي ذلك اليوم كانت الشمس تسطع حتى تلاشى برد الأيام السابقة. وقطع الرعاة بضعة أميال بصحبتنا كي يرشدونا الى بعض الدروب التي يعرفونها والتي لا يمكن ان يكون الثلج فيها سميكا جدا، ومع هذا فقد كان الثلج يصل الى لبانات الخيل.
وعندما وصلنا الى بلدة قريبة من فاس (200)، أكدوا لنا أن القافلة اختنقت في الثلج. وعندئذ فقد العرب الأمل في استلام تعويض أتعابهم. فقد رافقوا القافلة لتأمين سلامتها. فأمسكوا بيهودي كان في صحبتنا، والذي كان له خمسون حملا من التمور في القافلة واقتادوه الى مخيمهم مع نية الاحتفاظ به إلى أن يدفع عن الجميع، وأخذوا مني حصاني واستوصوا بي خيرا. فاستأجرت بغلا مجهزا له جلال من الذي يستعمله الجبليون وفي اليوم الثالث بلغت فاس حيث كان النبأ المفجع قد وصلها وحيث كان أهلي يعتقدون أنني هلكت كالآخرين. ولكن الله لم يشأ هذا. (201) وأتوقف الآن عن سرد مغامراتي وأستأنف ترتيب عرضى من النقطة التى تركتها.
وفيما وراء جبل الاطلس (202) تقع بلاد جافة وحارة. وهنا توجد بعض المجاري المائية النادرة والتي تنشأ أيضا من الأطلس وتجري في اتجاه الصحراء الليبية حيث تغيض في الرمل. وتشكل بعضها بحيرات. ولا يوجد في هذه الأنحاء سوى القليل من الأراضي التي يمكن زرعها، ولكن هناك عددا لا يحصى من أشجار النخيل. ونجد فيها ايضا بعض الأشجار المثمرة ولكنها نادرة. وتوجد في اجزاء نوميديا المتاخمة الى ليبيا جبال قاحلة لا شجر فيها ولا ثمر. ويرى في حضيض هذه الجبال باقات أشجار عديدة مغطاة بأشواك ولا تعطي ثمارا (203)، ولا توجد هنا ينابيع ولا أنهار. وكل ما هنالك بعض الآبار التي تكاد
Página 85