ثم جعلهم لهذه الأمة نظاما، وفي سبيل الخيرات أعلاما، يردع الله بهم الناكثين، ويجمع بهم ألفة المؤمنين.
والله نستعين على ما تشعب من أمر المسلمين بعد الالتئام، وتباعد بعد القرب.
اللهم انصرنا على أقوام يوقظون نائمنا، ويخيفون آمننا، ويريدون هراقة دمائنا (1)، وإخافة سبيلنا وقد يعلم الله أنا لم نرد بهم عقابا (2)، ولا نهتك لهم حجابا، ولا نوطئهم زلقا.
غير أن الله الحميد كسانا من الكرامة ثوبا لن ننزعه طوعا ما جاوب الصدى، وسقط الندى، وعرف الهدى.
حملهم على خلافنا البغى والحسد، فالله نستعين عليهم (3).
أيها الناس، قد علمتم أنى خليفة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأنى خليفة عثمان بن عفان عليكم (4)، وأنى لم أقم رجلا منكم على خزاية قط (5)، وأنى ولى عثمان وقد قتل مظلوما.
والله يقول: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا).
وأنا أحب أن تعلموني ذات أنفسكم في قتل عثمان ".
فقام أهل الشام بأجمعهم فأجابوا إلى الطلب بدم عثمان (6)، وبايعوه على ذلك، وأوثقوا له على أن يبذلوا أنفسهم وأموالهم أو يدركوا بثأره، أو يفنى الله أرواحهم (7).
فلما أمسى معاوية وكان قد اغتم بما هو فيه، قال نصر:
__________
(1) الهراقة، بكسر الهاء: الإراقة، كما في نص القاموس.
وضبطت في اللسان ضبط قلم مرة بالكسر ومرة بالفتح، والأخيرة ليست من الصواب.
(2) ح: " لا نريد لهم عقابا ".
(3) ح: " حملهم على ذلك البغى والحسد فتستعين الله عليهم ".
(4) ح: " وأمير المؤمنين عثمان بن عفان عليكم ".
(5) الخزاية، بالفتح: الاستحياء.
أراد عمل ما يستحيا منه.
(6) في الأصل: " إلى دم عثمان " وأنبت ما في ح.
(7) في الأصل: " يغنى "، بالغين المعجمة، تحريف.
وفي ح: " أو تلحق أرواحهم بالله ".
Página 32