يهواه القاضي شمس الدين هو الملك المسعود وكان قد تيمه حبه فكنت أنام عنده في العادلية فتحدثنا في بعض الليالي إلى أن راح الناس من عنده فقال لي: نم أنت، وألقي علي فروة، وقام يدور حول البركة في بيت العادلية، ويكرر هذين البيتين إلى أن أصبح وتوضأ. والبيتان المذكوران:
أنا والله هالك ... آيس من سلامتي
أو أرى القامة التي ... قد أقامت قيامتي ويقال إنه سأل بعض أصحابه عما يقوله أهل دمشق عنه فاستعفاه فألح عليه فقال: يقولون إنك تكذب في نسبك وتأكل الحشيشة وتحب الغلمان. فقال: أما النسب والكذب فيه فإذا كان ولا بد منه فكنت أنتسب إلى العباس أو إلى علي بن أبي طالب أو إلى أحد الصحابة، وأما النسب إلى قوم لم يبق لهم بقية وأصلهم فرس مجوس فما فيه فائدة. وأما الحشيشة فالكل ارتكاب محرم وإذا كان ولا بد فكنت أشرب الخمر لأنه ألذ. وأما محبة الغلمان فإلى غد أجيبك عن هذه المسألة. قال قطب الدين البونيني: سمعت من يذكر إنما خرج له النسب إلى البرامكة أبو شامة، وليس كذلك. ووقفت على مجلدة من " تاريخ إربل " لوزيرها شرف الدين وقد ذكر وفاة ابن عم قاضي القضاة وقد نسبه إلى البرامكة ولعل ذلك قبل خروجه من إربل. وذكره الصاحب كمال الدين في " تاريخ حلب " ونسبه إلى البرامكة.
ومن شعره:
وسرب ظباء في غدير تخالعوا (١) ... بدور بأفق الماء تبدو وتغرب
يقول عذولي والغرام مصاحبي ... أما لك عن هذي الصبابة مذهب
وفي دمك المطلول خاضوا كما ترى ... فقلت له: ذرهم يخوضوا ويلعبوا ومنه مضمنًا:
كم قلت لما أطلعت وجناته ... حول الشقيق الغض دوحة آس
_________
(١) الفوات: تخالهم.
1 / 5