Usul
أصول السرخسي
Investigador
أبو الوفا الأفغاني
Editorial
لجنة إحياء المعارف النعمانية
Número de edición
الأولى
Ubicación del editor
حيدر آباد
Géneros
Usul al-Fiqh
فصل فِي بَيَان مُقْتَضى الْأَمر فِي صفة الْحسن للْمَأْمُور بِهِ
قَالَ ﵁ اعْلَم أَن مُطلق مُقْتَضى الْأَمر كَون الْمَأْمُور بِهِ حسنا شرعا وَهَذَا الْوَصْف غير ثَابت للْمَأْمُور بِهِ بِنَفسِهِ فَإِنَّهُ أحد تصاريف الْكَلَام فَيتَحَقَّق فِي الْقَبِيح وَالْحسن جَمِيعًا لُغَة كَسَائِر التصريفات وَلَا نقُول إِنَّه ثَابت عقلا كَمَا زعم بعض مَشَايِخنَا ﵏ لِأَن الْعقل بِنَفسِهِ غير مُوجب عندنَا
وَبَيَان كَونه ثَابتا شرعا أَن الله تَعَالَى لم يَأْمر بالفحشاء كَمَا نَص عَلَيْهِ فِي مُحكم تَنْزِيله وَالْأَمر طلب إِيجَاد الْمَأْمُور بِهِ بأبلغ الْجِهَات وَلِهَذَا كَانَ مُطلقَة مُوجبا شرعا والقبيح وَاجِب الإعدام شرعا فَمَا هُوَ وَاجِب الإيجاد شرعا تعرف صفة الْحسن فِيهِ شرعا
ثمَّ هُوَ فِي صفة الْحسن نَوْعَانِ حسن لِمَعْنى فِي نَفسه وَحسن لِمَعْنى فِي غَيره
وَالنَّوْع الأول قِسْمَانِ حسن لعَينه لَا يحْتَمل السُّقُوط بِحَال وَحسن لعَينه قد يحْتَمل السُّقُوط فِي بعض الْأَحْوَال
وَالْقسم الثَّانِي نَوْعَانِ أَيْضا حسن لِمَعْنى فِي غَيره وَذَلِكَ مَقْصُود فِي نَفسه لَا يحصل مِنْهُ مَا لأَجله كَانَ حسنا وَحسن لِمَعْنى فِي غَيره يتَحَقَّق بِوُجُودِهِ مَا لأَجله كَانَ حسنا
وَأما النَّوْع الأول من الْقسم الأول فَهُوَ الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته فَإِنَّهُ مَأْمُور بِهِ قَالَ الله تَعَالَى ﴿آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله﴾ وَهُوَ حسن لعَينه وركنه التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فالتصديق لَا يحْتَمل السُّقُوط بِحَال وَمَتى بدله بِغَيْرِهِ فَهُوَ كفر مِنْهُ على أَي وَجه بدله وَالْإِقْرَار حسن لعَينه وَهُوَ يحْتَمل السُّقُوط فِي بعض الْأَحْوَال
حَتَّى إِنَّه إِذا بدله بِغَيْرِهِ بِعُذْر الْإِكْرَاه لم يكن ذَلِك كفرا مِنْهُ إِذا كَانَ مطمئن الْقلب بِالْإِيمَان وَهَذَا لِأَن اللِّسَان لَيْسَ بمعدن التَّصْدِيق وَلَكِن يعبر اللِّسَان عَمَّا فِي قلبه فَيكون دَلِيل التَّصْدِيق وجودا وعدما فَإِذا بدله بِغَيْرِهِ فِي وَقت يكون مُتَمَكنًا من إِظْهَاره يكون كَافِرًا وَإِذا زَالَ تمكنه من الْإِظْهَار بِالْإِكْرَاهِ لم يصر كَافِرًا لِأَن سَبَب الْخَوْف على نَفسه دَلِيل ظَاهر على بَقَاء التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَأَن الْحَامِل لَهُ على هَذَا التبديل حَاجته إِلَى دفع الْهَلَاك عَن نَفسه لَا تَبْدِيل الِاعْتِقَاد
1 / 60