قال يصاد الغزال والأرنب بالشبك، وكل شركة معروفة، ولها قدر، فأما شرك الغزال فإنه يكون من العقب، ويكون له في حبل واحد، المائة عين والمائتان وأكثر تنصب في المراعي، وفي الطرقات وعلى المشارع، ولا تنصب إلا في الأماكن المعشبة حتى يخفى الشرك بالعشب وإن كانت الأرض تربة تغطى بالتراب، ويثقل في كل ثلاث باعات أو أربعة بحجر لئلا ينكب إذا جذبه الغزال، ولا يثقل بحيث لا يقدر الغزال أن يجذبها بل إذا حصل الغزال في شيء من الأعين جذب الجميع من أماكنها، بحيث يكون في الجميع خمسة أرطال يعني الرطل المصري، والشرك خمسة أرطال إلى ما هو أكثر من ذلك، وكلما كان في الشرك ثقلًا أخف الحجر، وينقل من مكان إلى مكان لئلا ينكره الغزال.
وصيد الغزال بالفخ، فأما صيده في الطرقات فهو أن ينصب الفخ في الطريق الذي له كما ينبغي، فهو أن يخفي الأثر ويستر الفخ بما استطاع، ويكون الفخ بما يثق به من أن يلين فلا يرجع السهم الذي فيه إلا أن يكون الشرك الذي له سمك الإصبع إما كتان أو قطن أو شعر، وإن كان حريرًا لا بأس، ولكن يكون أدق من الجميع، ثم يكون في طوله باعًا منه الدائر على كفة الفخ شبرين ونصف، يعلق على رأس السهم بعروة من خيط دقيق عن مقدار شبرين ونصف، فإذا قام السهم جذب ذلك المقدار معه من على رأس الكفة جذبة شديدة، بحيث يحفظ على رجل الغزال، وباقي الشرك في أسفله طول شبر وعقد، يحفر لها حفيرة في الأرض تحت الفخ طول ذراع. ضيقة الرأس، وسيعة الأسفل، فإذا صاد غزالًا وذبحه وأخذ دمه في شيء، وأخذ عند شق بطنه الروث في آنية، وقلب عليها الدم وخلطهما، ثم مضى به الصياد إلى مظنة الغزال، وجعله على أي مكان اختار من الأرض، ونصب عليه الفخ والفخين بالقرب منه عن ذراع أو أكثر، فإن الغزال يشم ذلك ويقصده ويخور عليه مثل البقر، وهذه حيلة جيدة.
وأما صيد الغزال على البعر، فإن الغزال إذا عاين مكانًا فيه بعر، يعبر عليه، ويكثر الشم منه، فإذا نصب عليه الفخ صيده عليه، وكذلك يصاد في المرايغ والمشارع، وينصب المنجل مثل ما ينصب الفخ إلا أن المنجل يكون شركه أرق، لأنه يتبع الغزال، ويكون مقدار طول الشركة التي تدور على الكفة شبرين ونصف، ومنها مقدار نصف ذراع أو أقل مشدودًا في المنجل، ومقدار طول المنجل شبر وأربع أصابع، يعمل لها مثل القبضة خشبة قوية والمنجل خارج الطرفين من تلك الخشبة والشركة مربوطة في تلك الخشبة، وتكون الكفة التي تدور عليها الشركة في دور كفة الفخ إلا أن هذه خلاف تلك الكفة، وذلك أنه يعمد إلى خيط ليف فيعمل منه حلقة وسعها شبر وينحت له خلالات دقاق الرؤوس، غلاظ الأسافل على هيئة الأوتاد إلا أنها أخلة ويكون من أصلب الخشب، طول كل خلال منها ما إذا أجاز منها في تلك الحلقة خلالًا، وأجاز مقابلته آخر النقب الرأسان بحيث يجيز فيها ما دار حبل الحلقة الملوي من هذه الأخلة خلال بجانب خلال والجميع تلتقي رؤوسها بعضها إلى بعض ما لا يجوز بينها رأس الإصبع، بحيث إذا وضعت على رأس حفيرة، وجعل عليها ترابًا خفيفًا ما يخفيها عن أن ترى وتكبس بالإصبع مقدار وطية الغزال وما هو أخف من الغزال، فتنزل رؤوس الأخلة، ويعبر ذلك برأس الإصبع، فإذا نزلت رأس الإصبع، وقبضت رؤوس الأخلة على الإصبع، واشتالت الكفة، ولم تقع على الإصبع إلا بعد أن تنخرط تلك الزيقة التي هي دائرة عليها، فإذا تمكنت الزيقة وقعت الكفة، ولا يكون مع المنجل شيء آخر غيرها، بحيث إذا قفز الغزال من خوف المنجل ضرب المنجل رجليه وجنبه فيعطب، وغزال المنجل وغزال الفخ عاطب أبدًا، وغزال المصائد، وهي التي تبني في الجبال تسمى الصير، وغزال الشرك سالم، قال بعض الشعراء:
قد أغتدي قبل وجوب الفرض ... والجفن قد ودّع طيب الغمض
طارقها في قلق ونفض ... يضرب بعض ريشه ببعض
باب صيد الأرنب بالشرك والفخ
1 / 44