قال أهل التجربة: الجناح عشر ريشات، يقال لها الأولة، وأول ريشة في الجناح تعرف بالسكين وأما الشاميون، يقولون النيم وهي السكين بلغة أهل العراق، والنيم أيضًا لغة لعجم، وكل مصيب، فأما العراقيون فقاسوها بالسكين إذ تشبه من نصفها لشلف السكين، والباقي كالنصاب، وأما العجم جعلوها نيمًا لأنها مثل نصف التي تليها وهي الثانية، وقياس العراقيين أبلغ، والنيم ليست إلا للبازي فقط، وباقي الضواري لا تشف عن الثانية إلا قليلًا، وإن قيل أنها في سائر أصفر العين، فصحيح.
وأما الجناح، فيقال له السكين، إلى التاسعة، والفارقة هي التي تفرق الجناح من الخوافي، ولا يقال العاشرة إلا في الحمام، وهي لغة أهل الحمام، وما سميت الفارقة إلا أنها تفرق الجناح من الخوافي، ولو سموها لعاب الحمام. الفارقة لما أخطوا.
وقال لعاب الضواري: قد علمنا إنها عاشرة الجناح غير أننا إذا قلنا عاشرة الجناح قد جعلنا أن الجناح أكثر من العشرة، وقد سبقت القدماء بذكر كل نوع منها بذاته.
وقيل إن القوادم هي التي تحمل الطير جميعًا، ويحمل الجميع الذي خلق كل شيء لا إله إلا هو اعلم أن الجناح غير الخوافي، والخوافي غير الجناح، وصح أن الجناح هو ما يمكن أن يطار به ونظر في جميع الريش إذا سقط منه شيء ما تقل بسقوطه منه الطيران من اللواتي لا يسقط كالغير، فوجد في جميع الريش إذا سقط منه شيء ما ثقل الخوافي جميعها إذا سقطت لم يزل الطائر يطير، وإذا سقطت من الجناح فهي القوادم من السكين، وهي أول الجناح إلى الفارقة وهي التي تفرق الجناح من الخوافي وأقصاها ثلاث ريشات، فإذا زالت لم يقدر الطيران الطائر وقد يزول ذنب الطائر بكماله وهو يطير.
باب تضحيك الملوك
إذا أريد ذلك يعلم الصقر على هيئة من يختار من غلمان الملك: يحكى أنه كان في بلاد الحلة في زمان دبيس بن مزيد ملك العرب وزير له يسمى ابن طراد، وقيل اسمه طيب وكان لقبه جمال الدين، وكانت جامكيات الحاشية عليه وكان في جملة البازيارية رجل يسمى حميد الشهير بالمواليا، كانت جامكيتة على الوزير، وهو يدافعه بنعم إلى أن بلغ منه وأضجره، فأخذ حميد البازيار خمسة صقور وأضراها على صورة جمال الدين الوزير إلى أن كملت، وهو مع الملك في الميدان، فتقدم واستأذن الملك أن ترسل عليه تلك الصقور، فأذن له على سبيل الاستهزاء، فمضى وأرسل الصقور الخمسة وهو قريب الملك، فأقبلت الصقور على الوزير، فبدره منها صقر ورمى عمامته عن رأسه، وانتشب الأخرى في عنقه فتردى عن بغلته. فقال الملك: لا يخلصه إلا حميد البازيار، فنزل، حميد غليه، وكل صقر في طرف من أطرافه، فقال الوزير لحميد: خلصني ولك عندي جميع ما تريد، فخلصه، فأقبل إلى داره ونفذ إلى الملك أن يقيله من الوزارة، فأبى الملك ذلك. وقال له: إن كنت تريد حميدأً، فاصنع به ما شئت، فأبى ذلك، وطلب الوزير حميد، وأعطاه جميع ما عليه وأعطاه البغلة وخمسين دينارًا، وقال له: لك علي كل سنة هكذا حين حكمني الملك فيك، وهذا لا يجوز أن يعمل إلا بأوباش الناس، وهذا العمل ليس بعيب، فقد فعل مثل ذلك خلق كثير بين يدي الملوك مثل أصحاب الموصل وفي بغداد وفي بلاد العجم، وهذا مستفاد من بين الملوك، ومن عمل عليه هذه الصقور، فليعمل على رأسه ورقبته ما يستره من المخاليب، وإذا وقع فليقع على وجهه خوفًا على عينه.
حدثني الأخ سيف الدين تمربغا الأحمدي تغمده الله تعالى برحمته أن ببلاد التتار من يعلم طيور الجارح على ما يختاروه مثل الأيل وغيره، فسألته عن الكيفية، فقال: يعلموهم على أعين الحيوان المطلوب، يوضع على أعينها قطع اللحم.
باب الصيد بالشرك لسائر الوحش والطير عرضًا على المسامع المصونة ما قاله الأستاذ عيسى الأسدي رحمه الله تعالى
1 / 43