Ulum al-Hadith wa Mustalah
علوم الحديث ومصطلحه
Editorial
دار العلم للملايين
Número de edición
الخامسة عشر
Año de publicación
١٩٨٤ م
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
شاملًا، فما فيها إلاَّ دلالة ظنية غامضة لا يحسن مع مثلها القطع في هذا الموضوع الخطير. غير أننا لا نملك من الحجج والبراهين، العقلية والنقلية، ما نؤكد به كثرة القارئين الكاتبين في تلك الفترة من حياة العرب، ولا شيء يدعونا إلى الغلو في أمر الكتابة واعتقاد كثرتها في شبه الجزيرة العربية إلاَّ أنْ يصيبنا من الجهالة العمياء ما يغرينا باتباع المستشرقين الذين يزعمون أنَّ وصف العرب «بِالأُمِيِّينَ» في القرآن (١) لا ينافي معرفتهم القراءة والكتابة، فما الأُمِيُّ عندهم إلاَّ الذي يجهل الشريعة الإلهية، وما كان محمد ﷺ «أُمِيًّا» (٢) إلاَّ لأنه نَبِيُّ هؤلاء «الأُمِيِّينَ» الوَثَنِيِّينَ «الذِينَ لَمْ يُصَدِّقُوا رَسُولًا أَرْسَلَهُ اللهُ، وَلاَ كِتَابًا أَنْزَلَهُ اللهُ، فَكَتَبُوا كِتَابًا بِأَيْدِيهِمْ» (٣).
والواقع أَنَّ هذا الرابط المضطرب بين «الأُمِيِّ» عندما يوصف به النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - وبين «الأُمِيِّينَ» وَصْفًا للعرب، ليس من المنطق في شيء، لأنه تجزئة لا مسوغ لها في أصل اللغة ولا وحي السياق للفظ قرآني واحد ينبغي تفسيره
_________
(١) [سورة الجمعة، الآية:١].
(٢) [سورة الأعراف، الآية:٢].
(٣) وتفسير «الأميِّين» على هذا النحو جاء في بعض روايات الطبري عن ابن عباس (١/ ٢٩٦) في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ﴾ [سورة البقرة، الآية: ٧٨]. ووجد المستشرقون في هذا التأويل مسوغًا لزعمهم أنَّ رسول الله ﷺ كان كاتبًا قارئًا، وأنَّ وصفه بالأميَّة - كوصف العرب بها - لا ينافي معرفة القراءة والكتابة، انظر:
Paret. Encycl. de lislam. IV، ١٠٧٠. Horovitz. koranische Untersuchungen. Berlin. ١٩٢٤. p. ٥٢.
وكان يحسن بالمستشرقين أنْ يقرأوا " تفسير الطبري " في الصفحة نفسها ليروا أنه يُضَعِّفُ هذا الرأي.
1 / 15