Escritores árabes en las eras abasíes
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Géneros
124
ضحك وقال: «قد صفحت عن كل ما هجانا به؛ إذ قرن إبراهيم بمخارق في الخلافة، وولاه عهده.» (10-3) منزلته
قال البحتري: «دعبل بن علي أشعر عندي من مسلم بن الوليد؛ لأن كلام دعبل أدخل في كلام العرب من كلام مسلم، ومذهبه أشبه بمذهبهم.»
والبحتري ينظر في ذلك إلى طبع دعبل وصناعة أستاذه، فمذهب مسلم في الشعر مختلف؛ فحينا يسهل فيسيل عذوبة وطبعا، وحينا يحزن فيغرب، ويتكلف البديع فيفسد شعره، ويبعد به عن مذاهب الأعراب.
وغريب أن دعبلا لم يتأثر أستاذه إلا من الناحية السهلة المطبوعة، فلغتهما فيها أشبه من الماء بالماء، وأما الناحية الثانية فقلما سلك دعبل إليها، ولا نعرف له فيها غير قصيدة مدح بها الفضل بن مروان وزير المعتصم، والتزم في جميع قوافيها لفظة الفضل فجاءت غير مألوفة في عصرها، وإن يكن التكلف أخذ يفشو فيه. ودعبل نفسه استغربها فقال فيها:
ولم أر أبياتا من الشعر قبلها
جميع قوافيها على الفضل والفضل
ولا غرو أن يبتعد دعبل عن التصنع، ويأنس بكلام العرب الخلص؛ فهو عربي النبعة لا أعجميها كأستاذه، بدوي النزعة لا حضريها، وقضى حياته هاربا من وجه السلطان، مستخفيا في الجبال والقفار، فلم تملك نفسه زخارف الحضارة ومباهجها؛ فظل شعره أقرب إلى الطبع من شعر مسلم، وأدخل منه في كلام العرب الصرحاء.
ويمتاز شعره في رشاقته، وحسن انسجامه، وطلاوته، ووقع أنغامه، فهو لطيف على غير ضعف، قوي على غير خشونة، ولولا إمعانه في هجاء الخلفاء وإسرافه في سفساف القول، لكان من أسير الشعراء شعرا ؛ لسهولة ألفاظه ووضوح معانيه، ولكنه أفسد هذا الشعر بالفحش والإقذاع، وشتم الملوك والأمراء؛ فأهمله الرواة بعد موته وأخملوا ذكره.
على أنه كان في حياته من أعظم الشعراء خطرا، وأخوفهم جانبا؛ فكان الناس يخشون شره، ويتحامون إغضابه، ويقطعون لسانه بالصلات استكفافا لبلائه. روى أبو الفرج أن ديكا لدعبل طار من داره إلى دار جار له فاصطاده جاره وطعمه، فعرف دعبل فهجاه، فذاع الهجاء؛ فخاف الجار، فلم يدع ديكا ولا دجاجة قدر عليه إلا اشتراه، وبعث به إلى دعبل؛ ليسكت عنه. وقيل لابن الكلبي: «لو أخبرت الناس أن دعبلا ليس من خزاعة.» فقال: «يا هذا أمثل دعبل تنفيه خزاعة! والله لو كان من غيرها لرغبت فيه حتى تدعيه. دعبل - والله يا أخي - خزاعة كلها.»
Página desconocida