Escritores árabes en las eras abasíes
أدباء العرب في الأعصر العباسية
Géneros
وقبر شرهم هذا من العبر!
123
وبوسعنا أن نتبين هنا خطأ الرواية التي أثبتها أبو الفرج في أغانيه، وتناقلتها كتب الأدب من بعده، وهي قولهم: «ما بلغ دعبلا أن الرشيد مات حتى كافأه على ما فعله من العطاء السني، والغنى بعد الفقر، والرفعة بعد الخمول، بأقبح مكافأة، وقال فيه من قصيدة مدح بها أهل البيت - عليهم السلام - وهجا الرشيد.» ثم يروون قوله: «قبران في طوس.» ولا يروون له غير ذلك في الرشيد.
فهذه القصيدة لم تنظم إلا بعد وفاة علي الرضا؛ أي سنة 203ه/818م، والرشيد مات سنة 193ه/809م، وقد أخطأ صاحب «معاهد التنصيص» في زعمه أن الشاعر أراد في قوله: «اربع بطوس على القبر الزكي.» قبر موسى الكاظم؛ أي والد علي الرضا؛ فموسى الكاظم لم يدفن في طوس، بل في مقابر الشونيزي في بغداد.
فيتضح - مما تقدم - أن الشاعر بقي نحو عشر سنوات بعد الرشيد لم يقل هجرا في العباسيين، وانقضت خلافة الأمين دون أن يهجو أحدا منهم، حتى مات علي الرضا؛ فاستيقظت عصبيته فهجا الرشيد، ثم هجا المأمون، وإبراهيم بن المهدي، والمعتصم، والواثق، والمتوكل.
وكان المأمون أرحبهم صدرا في استماع هجائه؛ ذلك أنه كان يزن الأمور بمعيار فطنته، فلم يجد بأسا على الخلافة من هجاء دعبل فلم يعبأ به، ولم يشأ أن يسيء إلى الشيعة بقتل محازبهم، ولا أن يرزأ بني خزاعة بشاعرهم، وهم أنصاره في ثورته على أخيه.
وسأله أبو سعد المخزومي أن يأذن له بقتله فأبى وقال: «هذا رجل فخر علينا فافخر عليه كما فخر علينا، فأما قتله بلا حجة فلا.»
ولطالما حاول أن يقربه ويصطنعه، فكان يأخذ عطاياه ثم يعود إلى هجائه، والمأمون يتحلم عنه وقد يجيزه إذا سمع منه هجاء في عمه إبراهيم؛ لأن إبراهيم طمع في الخلافة وأرادها لنفسه دونه، فكان المأمون يتعمد نكايته والتشفي منه، قيل إنه لما سمع قول دعبل فيه:
إن كان إبراهيم مضطلعا بها
فلتصلحن من بعده لمخارق
Página desconocida