بالخشوع، ولا بالخضوع، ولا بالشوق للقاء، ولا بالحزن في الإبطاء، ولا بالرضا بالقضاء، ولا بالحب الجاذب للبقاء في طريق الفناء، ولا بشيء مما شمله آيات المحكم المنزلة في القرآن، وأحاديثه الواردة للبيان.
وإنما يتصف بهذا الحرف عباد الرحمان: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ الذين ليس للشيطان عليهم سلطان: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾.
ولما كان حرف المحكم مستحق العبد في حق الرب، في فطرته التي فطر عليها، كان ثابتا في كل ملة وفي كل شرعة، فكانت آياته لذلك هن أم الكتاب، المشتمل على الأحرف الأربعة، لتبدلها وتناسخها وتناسيها في الشرع والملل، واختلافها في مذاهب الأيمة في الملة الجامعة، مع اتفاق الكل في الشرع المحكم، فهو أمها وقيامها الثابت حال تبدلها، وهو حرف الهدى، الذي يهدي الله به من يشاء. وقراؤه العملة له هم المهتدون أهل السنة والجماعة، كما أن المتبعين لحرف المتشابه، هم المفترقون في الملل، وهم أهل البدع والأهواء، المشتغلون بها لا يعنيهم. وبهذا الحرف المتشابه يضل الله من يشاء. فحرف المحكم للاجتماع والهدى، وحرف المتشابه للافتراق والضلال. والله يقول الحق، وهو يهدي السبيل.
1 / 80