ينتظم بذلك من ذكر عبادة القلب، التي هي المعرفة. ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله. فإذا عرفوا الله، ومن ذكر عبادة النفس، التي هي الإجمال في الصبر، وحسن الجزاء ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ﴾ ﴿وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ﴾ ومن ذكر عبادة الجوارح بالخشوع: ﴿قد قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾. "لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه". إلى سائر أحوال العبد، التي يتحقق بها في حال الوجهة إلى الرب.
وما تقدم من حرفي الحرام والحلال لإصلاح الدنيا، وحرفي الأمر والنهي لإصلاح العقبى معاملة كتابة.
والعمل بهذا الحرف اغتباط بالرق، وعياذ من العتق، فلذلك هو أول الاختصاص، ومبدأ الاصطفاء، وإفراد موالاة الله وحده من غير شرك من نفس ولا غير، ولذلك بديء بتنزيله النبي العبد، وهو ثمرة ما قبله، وأساس ما بعده، وهو للعبد أحوال محققة، لا يشركه فيها ذو رياء ولا نفاق، ويشركه في الأربعة المتقدمة، لأنها أعمال ظاهرة، فيتحلى بها المنافق، وليس يمكنه مع نفاقه التحلي بالمعرفة، ولا
1 / 79