وكما حرم الله مايضر العبد في ظاهره وباطنه، حرم عليه، فيما بينه وبينه، ما يقطعه عنه من أكل الربا. "الربا بضع وسبعون بابا، والشرك مثل ذلك". وجامع منزله في قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا﴾ إلى قوله: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ إلى انتهاء ذكره، إلى ما ينتظم بذلك في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً﴾ الآية. إلى ما يلحق بذلك في قوله تعالى: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا﴾ الآية. ولما كان تحريم الربا لما بين الرب والعبد، كان فيه الوعيد بالإيذان بحرب من الله ورسوله، ولذلك حمت الأئمة ذرائعه أشد الحماية، وكان أشدهم في ذلك عالم المدينة، حتى إنه حمى من صورته، مع الثقة بسلامة الباطن منه، وعمل بضد ذلك في محرمات ما بين العبد ونفسه.
وكما حرم الله الربا، فيما بينه وبين عبده، من هذا الوجه الأعلى، كذلك حرم أكل المال بالباطل، فيما بين العبد وبين غيره من الطرف الأدنى.
وجامع منزله في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ إلى ما ينتظم به من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ إلى ما ينتظم بذلك من قوله تعالى: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ﴾ الآيات في أموال اليتامى، فحرمه الله تعالى من جهة الأعلى والمثيل والأدنى، وانتظم التحريم في ثلاثة أصول: من جهة ما بين الله وبين عبده، ومن جهة ما بين العبد وبين نفسه، ومن جهة ما بين العبد وبين غيره، مما تستقرى جملة آيه في القرآن، وأحاديثه في السنة، ومسائله في فقه الأيمة.
1 / 76