الدواء، فمن لم يحتم عن المنهيات، لم ينفعه تداويه بالمأمورات، كالذي يتداوى ولا يحتمي يخسر الدواء ويتضاعف الداء، ﴿هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (١٠٣) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ جاءوا بحسنات كأمثال الجبال، وكانوا يصومون ويصلون، وياخذون وهنا من الليل، لكن ذلك تداو بغير حمية، لما لم يحتموا من الدنيا التي نهوا عن زهرتها، فكانوا إذا لاحت لهم وثبوا عليها فيصيبون منا الشهوات، ويعملون المعصيات، فلم تنفعهم المداواة.
فمن احتمى فقد قرأ هذا الحرف، وهو حسبه، ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ أحب العبادات إلى الله ترك الدنيا، وحمية النفس من هوى جاهها ومالها. "بل نبيا عبدا، أجوع يوما وأشبع يوما". "من رغب عن سنتي فليس مني". والقرآن حجة لمن عمل به فصار أمامه يقوده إلى الجنة، وحجة على من لم يعمل به يصير خلفه، فيسوقه إلى نار الحية التي في جب وادي جهنم، التي تستعيذ منها جهنم والوادي والجب في كل يوم سبع مرات ﴿وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا﴾. ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾. ﴿وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾. "أعوذ بعفوك من عقوبتك، وبرضاك من سخطك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" والحمد لله رب العالمين.
1 / 65