لطية غرض النفس، نحو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ إلى ما دون ذلك من النهي عما يقدح في الفضل، وإن كان من حكم العدل، نحو قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ إلى تمام مالا تحصل السلامة إلا به، من النهي عما زاد على الكفاف والبلغة في الدنيا الذي به يصح العمل بالحكمة، نحو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا﴾ إلى قوله: ﴿ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ﴾ ونحو قوله تعالى: ﴿وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ لأن كل زائد على الكفاف فتنة.
وهذا هو أساس ما تتفاوت به درجات العلم في الدنيا، ودرجات الجنة في الآخرة، ولا تصح الوجوه والحروف التي بعده علما وعملا وثباتا وقبولا عند التمحيص إلا بحسب الإحكام في قراءة هذا الحرف وجمعه وبيانه، لأنه طهور لا بعده من صلاة حرف الأمر، وما قصر بعشرات فرق الأمة إلا التقصير في حرف النهي، لأن الملة الحنيفية مبنية على الإكتفاء باليسير من المأمورات والمبالغة في الحمية من عموم ما لايتناهى من المنهيات، لكثرة مداخل الآفات منها على الخلق، فيما بعد الموت.
ويصعب هذا الحرف على الخلق ما استقر في أوهامهم أن دنياهم لا تصلح إلا بالمثابرة على صفوف المنهيات لنظرهم لجدواها في الدنيا، وعماهم عن وبالها في الأخرى، وما حوفظ على الرياضات والتأديبات والتهذيبات إلا لوفاء الحمية منها. والحمية أصل
1 / 64