وكما للعقل الأدنى فكرة تنبني على بداهته، فكذلك للعقل الأعلى فكر ينبني على علي فطرته: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ إلى قوله: ﴿لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ وهذا العقل الأعلى هو اللب الذي يكون عنه التذكر بالأدنى من الخلق للأعلى من الأمر. ﴿وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾ وفي مقابلة كل من هذه الأوصاف أضداد يرد البيان فيها بحسب مقابلتها، وكذلك حكم وصف المتقين، فيما يظهر أن لاغناء للعبد بنفسه، ووصف المسلمين فيما يظهر أن لاأنجى للعبد من إسلامه نفسه لربه، ووصف المحسنين فيما يظهر قيام ظاهر العبد بربه، ووصف الموقنين فيما وجد يقينه العبد من نفسه، أو عاين ابتداءه بظاهر حسه، ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ من استغنى بما عنده من وجد لم يتفرغ لقبول غيب. ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ﴾ ﴿إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا﴾.
1 / 47