Tuhfat Acyan
تحفة الأعيان لنور الدين السالمي
Géneros
وأما ما قدرتم عليه من سبا نسائهم وذراريهم الذين وصفت لكم كيف يحل سباهم فلا تبيعوهم هنالك حتى توصلوهم إلى وانفقوا عليهم من مال الله من الغنائم حتى تصلوا بهم إلى , وإن لم تقدروا على رجلين ولا رجل من أهل الصلاة ممن تثقون به في إبلاغهم الحجة عليهم وإبلاغ مقالتهم إليكم , فلا تبيتوهم ولا تغتالوهم بالقتل ولا تسبوا لهم سبا ولا ذرية ولا تغنموا لهم مالا , حتى تسيروا إليهم بأنفسكم , فإن كانوا متفرقين فرأيتم أن توجهوا منكم طائفة وتقيم منكم طائفة في عسكرهم أن لا تخافوا مكائد الفسقة على الطائفة الخارجة إليهم حتى يأتوا إلى من رجو أن يدركوهم في تواجدهم وانفرادهم من جماعتهم , فإذا وصلوا إليهم دعوهم إلى الإسلام والدخول فيه فإن أجابوا قبلوا منهم , وإن كرهوا دعوهم إلى الوفاء بالعهد والرجعة عن النكثة إلى حكم القرآن وحكم أهل من المسلمين بعمان , وإن قبلوا قبلوا منهم وإن كرهوا هللوا الله وكبروه وحكموه وقاتلوهم , فإن ظفرهم الله بهم قتلوا من قاتلهم في المعركة وسبوا ذراريهم الذين ولدوا بعد نقض العهد كما وصفت لك سباهم ولا يقتلوا موليا إلا أن يقاتلهم فإن استأسر أخذوه ولم يقتلوه , وإن خفتم مكيدتهم واجتماعهم على طائفة وجهتموهم فلا توجهوا إليهم طائفة دون طائفة؛ ولكن استعيذوا بالأدلة من أهل العهد وسيروا بأجمعكم فإن خفتم على عسكركم وعلى من تخلفون فيه من طعامكم فرأيتم أن تكوروا السفن إلى البحر وتردوا فيها الأطعمة وتخلفوا فيها رجالا من رجالكم فافعلوا ثم سيروا ولا قوة إلا بالله إلى حيث رجوتم أن تهجموا عليهم أو على أحد منهم وإن كانت الحجة قد صحت عندكم كما وصفت لكم برجلين ثقتين من أهل الصلاة أو بواحد من أهل الصلاة بأنهم كرهوا للدخول في الإسلام والرجعة عن النكث إلى العهد فليس عليكم أن تحتجوا عليهم بعد ذلك ولا أن تدعوهم؛ فانصبوا لواءكم وأعطوه أرجى لكم في أنفسكم بالكرة على عدوكم والتخصيص لواليكم لمن يتقدم ولا يتأخر ويثبت لواءه ولا ينكسه , ويظهره ولا يدسه , ثم اذكروا الآخرة وانسوا الدنيا فإنكم الحنفاء والله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا , ثم سدوا الصفوف وقووا النيات وجردوا السيوف واجعلوا لكم ميمنه وميسرة وقلبا , وأن رأيتم أن تجعلوا منكم كمنا لعدوكم فافعلوا وهي طائفة تكون لا يراها العدو حتى تأتي من ورائهم.
واعلموا أنه يقال إن السيوف مفاتيح الجنة وإن الجنة تحت البارقة , فلا يهولكم عدوكم وهبوا لله أنفسكم , وامضوا إليهم زحوفا ولاحموا لهم صفوفا , وليكن شعاركم لا إله إلا الله محمد رسول الله , ولا حكم إلا لله , ولا حكم لمن حكم بغير ما أنزل الله , وخلعا وبراءة وفراقا لجميع أعداء الله , فإنها ساعة تفتح لها أبواب السموات وأبواب الجنات وتزين فيها الحور العين , وتهبط فيها الملائكة , ويأتي نصر الله , ويمدكم إن شاء الله بأضعافكم من الملائكة , ويقلل الله عدوكم في أعينكم؛ ويكثركم في أعينهم؛ فيجعل الله أصوانكم بالنكير والتحكيم كالرعد القاصف في أسماعهم؛ ولوامع سيوفكم كالبرق الخاطف في أبصارهم؛ وعند ذلك لا تحصى أجوركم وما أعد الله للصابرين الصادقين أهل السموات ولا أهل الأرض من أجوركم؛ فاصبروا ساعة يفرق الله فيها بين الحق والباطل , وقولوا كما قال إخوانكم لو ضربونا حتى نبلغ الغاف من عمان لعلمنا أنا على حق؛ وأنهم على باطل , وهم حزب الشيطان وانتم حزب الرحمن , وقال الله تعالى ( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين , واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ).
Página 149