272
نزول سورة الفتح
قال سهل بن حنيف ﵁: كنا مع رسول الله ﷺ يوم الحديبية، ولو نرى قتالًا لقاتلنا، ولقد رأيتني يوم أبي جندل، ولو أستطيع أن أرد أمر النبي ﷺ لرددته، والله ورسوله أعلم، فجاء عمر بن الخطاب ﵁ فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: " بلى "، فقال: أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟، قال: " بلى "، قال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟، أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟، فقال رسول الله ﷺ: "يا ابن الخطاب، إني رسول الله، ولن يضيعني الله أبدًا". فرجع عمر متغيظًا، فلم يصبر حتى جاء أبا بكر، فقال: يا أبا بكر، ألسنا على الحق وهم على الباطل؟، قال: يا ابن الخطاب، إنه رسول الله، ولن يضيعه الله أبدًا.
قال عمر بن الخطاب ﵁: كنا نسير مع رسول الله ﷺ في بعض أسفاره ليلًا فسألت رسول الله ﷺ عن شيء " فلم يجبني "، ثم سألته، " فلم يجبني "، ثم سألته " فلم يجبني ". فقلت لنفسي: ثكلتك أمك (^١) يا ابن الخطاب؛ نزرت (^٢) رسول الله ﷺ ثلاث مرات، " كل ذلك لا يجيبك؟ "، قال عمر: فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام المسلمين، وخشيت أن ينزل في قرآن.
قال أنس ﵁: "نزلت على النبي ﷺ: ﴿إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا، ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، ويتم نعمته عليك، ويهديك صراطًا مستقيمًا، وينصرك الله نصرًا عزيزًا﴾ مرجعه من الحديبية وأصحابه يخالطهم الحزن والكآبة، قد حيل بينهم وبين مناسكهم، ونحروا الهدي بالحديبية، فقال رسول الله ﷺ: " لقد نزلت علي آيتان، هما أحب إلي من الدنيا جميعًا، فلما تلاهما قال رجل: هنيئًا مريئًا يا رسول الله، قد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟، فأنزل الله ﷿ الآية التي بعدها: ﴿ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار، خالدين فيها، ويكفر عنهم سيئاتهم، وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا﴾.

(^١) أي: فقدتك، وأصله الدعاء بالموت، ثم استعمل في التعجب.
(^٢) أي: ألححت.

1 / 301