قصة الحضارة
قصة الحضارة
Editorial
دار الجيل
Ubicación del editor
بيروت - لبنان
Géneros
لديهم من النبات، فتسكر الأسماك وتطفو على السطح مخمورة لا تحذر الخطر، فيمسك منها السَّمَّاك ما أراد؛ والأستراليون الوطنيون يسبحون تحت سطح الماء، ويتنفسون خلال قصبات من الغاب، فيتاح لهم أن يجذبوا البط السابح من سوقه إلى جوف الماء، ويظلون ممسكين به هناك في رفق حتى تسكن فيه حركة الحياة؛ وأبناء قبيلة "تاراهيومارا" كانوا يمسكون الطير بأن يلقوا لباب البندق على ألياف قوية ويربطوه بتلك الألياف التي يغرسونها إلى نصفها في التراب، فيقتات الطير من اللباب، ثم يقتات "التاراهيوماريون" من الطير%=& Summer and Keller، Science of society، i، ٥١; Summer، W. G.، Folkways، ١١٩ - ٢٢; Renard، G.، Life and work in prehistoric times، ٣٦،; Mason O. T.، Origins of invention، ٢٩٨. &.
إن الصيد عند كثرتنا الغالبة اليوم ضرب من اللهو، نستمد فيه اللذة- فيما أظن- من بعض الذكريات الغامضة الراسخة في دمائنا والتي تعيد لنا تلك الأيام القديمة حيث كان الصيد عند الصائد والمصيد كليهما أمرًا تتعلق به الحياة أو الموت، ذلك لأن الصيد لم يكن سبيلًا إلى طلب القوت وكفى، بل كان كذلك حربًا يراد بها الطمأنينة والسيادة، حربًا لو قَرَنْتَ إليها كل ما عرفه التاريخ المدوَّن من حروب، ألفيت هذه الحروب بالقياس إليها بمثابة اللغَط اليسير. وما يزال الإنسان في الغابة يقاتل في سبيل الحياة، لأنه على الرغم من أن الحيوان هناك لا يكاد يهاجمه مختارًا إلا إذا اضطره إلى ذلك الجوع الشديد أو الخوف من الوقوع فريسة لا يجد لنفسه مهربًا يلوذ به، فليس في الغابة قوت يكفي الجميع، وأحيانًا لا يظفر بطعامه إلا المقاتل أو الذي يستخدم لنفسه حيوانًا مقاتلًا، وهاهي ذي متاحفنا تعرض أمام أبصارنا بقايا تلك الحرب التي نشبت بين الإنسان وسائر الأنواع الحيوانية، إذ تعرض أمامنا المُدى والهراوات والرماح والقسى وحبال الصيد والأفخاخ والمصائد والسهام والمقاليع التي استطاع بها الإنسان الأول أن يفرض سيادته على الأرض، ويمهد السبيل أمام خَلَفٍ لا يعترف بالجميل، ليحيا حياة آمنة من كل حيوان إلا الإنسان. وحتى في يومنا هذا، بعد كل ما نشب من حروب تستبعد العاجز عن الحياة لتبقي على القادر، انظر كم من صنوف
1 / 13