رابعًا: إذا أَمَرَنا رسولُ الله ﷺ بأمرٍ، أو نهانا عن أَمرٍ، فقد وجب علينا الامتثال، وإذا أخبرنا ﵊ بأي خبر قمنا بتصديقه ولم يحلَّ لنا تكذيبُه مطلقًا، وهنا أخبرنا ﵊ بالنص المتفق عليه أنه كان يعلم ليلة القدر ثم إنه قد نسيها، أو بالأصح أُنْسيها، أي أنساه الله سبحانه إياها، ولم يرد أيُّ نصٍّ يُعْلِمنا ويخبرنا أن رسول الله ﷺ عاد وتذكَّرها، وحيث أن هذا الخبر صحيح وفي القمة من النصوص، وحيث أن هذا الخبر لم يطرأ عليه تبديلٌ ولا تغييرٌ، فإنَّ على كل مسلم فقيه وغير فقيه أو يقبل بهذا الخبر، ولا يحل له القول بما يعارضه ويخالفه، فلا يحل له أن يقول مثلًا إن الرسول ﷺ لا زال في حياته يعلم ليلة القدر، ولكن قام بإخفائها عن المسلمين حتى يجتهدوا في العبادة في أواخر رمضان، لا أن يجتهدوا في ليلة واحدة فحسب، فهذا القول لا يحلُّ لمسلم فقيه وغير فقيه أن يقوله، لأن هذا القول يتعارض مع قول الرسول ﷺ إن الله أراه ليلة القدر ثم إِنه أنساه إياها، وبقي الحال على ذلك. والأسوأ من ذلك أن يأتي مسلم مهما علت منزلته في العلم والفقه فيدَّعي أنه يعلم ليلة القدر، وكأنه بهذا القول يدَّعي عِلمَ ما لم يعلمه رسول الله ﷺ، أو أنه يعلم فوق علم الرسول ﵊.
1 / 312