The Book of Manners
الأدب الصغير ت خلف
Editorial
دار ابن القيم بالإسكندرية
Géneros
اسْتَطَاعَ - إِلاَّ ذَا فَضْلٍ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْأَخْلاَقِ؛ فَيَأْخُذَ عَنْهُ، أَوْ مُوَافِقًا لَهُ عَلَى إِصْلاَحِ ذَلِكَ؛ فَيُؤَيِّدَ مَا عِنْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ فَضْلٌ؛ فَإِنَّ الْخِصَالَ الصَّالِحَةَ مِنَ الْبِرِّ لاَ تَحْيَا وَلاَ تَنْمَى إِلاَّ بِالْمُوَافِقِينَ وَالْمُؤَيِّدِينَ، وَلَيْسَ لِذِي الْفَضْلِ قَرِيبٌ وَلاَ حَمِيمٌ أَقْرَبَ إِلَيْهِ [وَأَحَبَّ] (١) مِمَّنْ وَافَقَهُ عَلَى صَالِحِ الْخِصَالِ فَزَادَهُ وَثَبَّتَهُ. وَلِذَلِكَ زَعَمَ بَعْضُ الأَوَّلِينَ أَنَّ صُحْبَةَ بَلِيدٍ نَشَأَ مَعَ الْعُلَمَاءِ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ صُحْبَةِ لَبِيبٍ نَشَأَ مَعَ الْجُهَّالِ.
وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ لاَ يَحْزَنَ عَلَى شَيْءٍ فَاتَهُ مِنَ الدُّنْيَا أَوْ تَوَلَّى، وَأَنْ يُنْزِلَ مَا أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهُ مَنْزِلَةَ مَا لَمْ يُصِبْ، وَيُنْزِلَ مَا طَلَبَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ (٢) مَنْزِلَةَ مَا لَمْ يَطْلُبْ، وَلاَ يَدَعَ حَظَّهُ مِنَ السُّرُورِ بِمَا أَقْبَلَ مِنْهَا، وَلاَ يَبْلُغَنَّ ذَلِكَ سُكْرًا وَلاَ طُغْيَانًا؛ فَإِنَّ مَعَ السُّكْرِ النِّسْيَانَ، وَمَعَ الطُّغْيَانِ التَّهَاوُنَ، وَمَنْ نَسِيَ وَتَهَاوَنَ خَسِرَ.
وَعَلَى الْعَاقِلِ أَنْ يُؤْنِسَ ذَوِي الْأَلْبَابِ بِنَفْسِهِ وَيُجَرِّئَهُمْ عَلَيْهَا حَتَّى يَصِيرُوا حَرَسًا عَلَى سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَرَأْيِهِ، فَيَسْتَنِيمَ (٣) إِلَى ذَلِكَ وَيُرِيحَ لَهُ قَلْبَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّهُمْ لاَ يَغْفُلُونَ عَنْهُ إِذَا هُوَ غَفَلَ عَنْ نَفْسِهِ.
_________
(١) ما بين المعقوفين ساقط من "ك".
(٢) في "ك": [ثُمَّ لَمْ يُدْرِكْهُ].
(٣) اسْتَنَامَ إلى الشيء: أي: أَنِس به وَسَكَنَ إليه واطمأنَّ، فهو مُسْتَنِيمٌ إليه.
1 / 30