إنها تستدرجك لتقول لك عند الجد «لست بغيا». وهي تذكرني بشيء لا أتذكره، ومن الجائز أن تكون كليوباترا أو المرأة التي تبيع المعسل بدرب الجماميز. وهي من مواليد برج العقرب. ألا تعلم بأنني على موعد مع فكرة مجردة ذات طابع جنسي؟!
وقال مصطفى راشد معتذرا عنه: إن من يعمل لا يتكلم. - ولم يعمل وحده؟ - إنها هوايته المفضلة، وهو لا يسمح لأحد بمساعدته.
وقال رجب القاضي: إنه ولي أمر عوامتنا، وندعوه أحيانا بولي النعم. وأي فارس منا بالقياس إليه هاو مبتدئ؛ فهو لا يفيق أبدا. - على الأقل فهو يجد نفسه مفيقا عقب الاستيقاظ صباحا؟ - دقائق معدودات يصرخ فيها طالبا القهوة السادة.
فألحت في توجيه الخطاب إليه قائلة: أجبني بنفسك عما تفعل في تلك الدقائق؟
فقال دون أن يرفع عينيه إليها: أتساءل لماذا أحيا؟ - عال، وبماذا تجيب؟ - أنسطل عادة قبل أجد الفرصة.
وضحكوا أكثر مما يجب، وضحك معهم. وقلب عينيه بين النساء من خلال الدخان المتفجر. لا تعكس عين محبة للزائرة. وثمة أسد واحد يلتهم اللحم ويرمي للآخرين بالعظام. وعظام الزائرة الجديدة مترعة بنخاع مزعج، ولكن ما دام الهاموش حيوانا ثدييا فلا خوف علينا، والحق أنه لولا أن الكواكب تدور حول الشمس لتحقق لنا الخلود.
ونظر رجب في ساعة يده، ثم قال بجدية: آن لنا أن نكف عن الهذيان. الليلة علامة طريق في حياتنا، لأول مرة يشرفنا إنسان جاد عنده شيء ليس عند أحد منا، ومن يدري فلعلنا مع الأيام نعرف الجواب عن أسئلة كثيرة ظلت حتى اليوم بلا جواب.
فرمقته بحذر متسائلة: أتسخر مني يا أستاذ رجب؟ - معاذ الله! ولكنني أبني آمالا على انضمامك إلى مجموعتنا! - وعندي نفس الرغبة، ولن أضيع فرصة كلما سمح الوقت.
وتفشت حركة انهزام مستسلمة، فاستعد الجالسون للذهاب. حلت اللعنة التي تجعل لكل شيء نهاية. أهي هذه الفكرة التي استعصت طويلا على الذاكرة؟ ولم يبق في المجمرة إلا رماد. وذهبوا تباعا حتى انفرد بوحدته. ليلة أخرى تموت. والليل يرامقه خارج الشرفة، وها هو عم عبده يرد المكان إلى صورته الأولى. - أرأيت الزائرة الجديدة؟ - على قد النظر. - يقال إنها من رجال البوليس! - أووه!
ولما هم الرجل بالذهاب قال له: عليك أن تبحث لي عن فتاة مناسبة في الظلام. - الليل تأخر وليس في الطريق شيء. - تحرك أيها البنيان. - وقد توضأت لصلاة الفجر. - أتطمع في خلود أخلد مما أنت فيه؟! تحرك.
Página desconocida