Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Géneros
[الكهف: 103].
{ وإذا قيل لهم آمنوا } [البقرة: 13] أي: أهل الغفلة والنسيان { كمآ آمن الناس } [البقرة: 13] أي: بعض الناسين منكم الذين تفكروا في آلاء الله وتدبروا بعد عهد:
ألست بربكم
[الأعراف: 172]، ومعاهده على التوحيد والعبودية، فتذكروا تلك العهود والمواثيق، فآمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به { قالوا } [البقرة: 13]، أهل الشقاوة منهم { أنؤمن كمآ آمن السفهآء } [البقرة: 13]، فكذلك أحوال أصحاب الغفلات تدعي الإسلام إذا دعوا من الإيمان التقليدي الذي وجدوه بالميراث إلى الإيمان الحقيقي بصدق الطلب، وترك محبة الدنيا واتباع الهوى والرجوع عن الخلق والتمادي في الباطل، ينسبون أرباب العلويات وأصحاب المقامات العالية إلى السفه والجنون، وينظرون إليهم بنظر العجز والذلة والمسكنة، ويقولون نترك الدنيا كما تركوه هؤلاء السفهاء من الفقراء لنكون محتاجين إلى الخلق كما هم محتاجون، ولا يعلمون أنهم هم السفهاء؛ لقوله تعالى: { ألا إنهم هم السفهآء ولكن لا يعلمون } [البقرة: 13]، فهم السفهاء لمعنيين أحدهما: أنهم يبيعون الدين بالدنيا والباقي بالفاني لسفههم وعدم رشدهم.
والثاني: أنهم سفهوا أنفسهم ولم يعرفوا حسن استعدادهم للدرجات العلى والقربة والزلفى، فرضوا بالحياة الدنيا ورغبوا عن مراتب أهل الفناء ومشارب أولي النهى، كما قال تعالى:
ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه
[البقرة: 130]، فإن " من عرف نفسه فقد عرف ربه " ومن عرف ربه ترك غيره وعرف أهل الله وخاصته فلا يرغب عنهم، ولا يسبهم إلى السفه وينظر إليهم بالعزة، فإن الفقراء الكبراء هم الملوك تحت الأطمار، ووجوههم المسفرة عند الله كالشموس والأقمار، ولكن تحت قباب الغيرة مستورون، عن نظر الأغيار محجوبون.
وذكر المنافقون وأهل الغفلة بخصال أردأ من الأولى بقوله: { وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا } [البقرة: 14]، إلى { يعمهون } [البقرة: 15] والإشارة في تحقيق الآيتين أن المنافقين لما أرادوا أن يجمعوا بين غيرة الكفار وصحبة المسلمين، وأن يجمعوا بين مفاسد الكفر ومصالح الإيمان، وكان الجمع بين الضدين غير جائز، فبقوا بين الباب والدار
مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء
[النساء: 143]، وكذلك حال المتمنين الذين يدعون الإرادة ولا يخرجون عن العادة، ويريدون الجمع بين مقاصد الدارين ويتمنون أعلى مراتب الدين، ويرتعون في أسفل مراتب الدنيا، والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم، وإذا أقبل الليل من حيث أدبر النهار من هنا، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
Página desconocida