422

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Géneros

ورابعها: إن الصبر عن الله وإن كان شديدا، فالصبر مع الله أشد وأشد؛ لأن الإنسان خلق ضعيفا، ونقصان هذا الضعف فيه بكمال قوة سطوة تجلي ربه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغان على قلبه؛ لضعف خلقته، فكان عند استغراق الشهود وغلبات الأحوال يقول:

" كلميني يا حميراء "

، أو كان النبي يقول:

" لا معك قرار ولا منك فرار المستعان منك بك إليك ".

واعلم أن الضعف مخصوص بالإنسان وهو سبب كماله وسعادته، وسبب نقصانه وشقاوته، يتغير من ضعفه من حال إلى حال ومن صفة إلى أخرى، فيكون ساعة بصفة بهيمية يأكل ويشرب ويجامع، ويكون ساعة أخرى بصفة ملك يسبح بحمد ربه ويقدس له، ويفعل ما يؤمر ولا يعصي فيما نهاه عنه، وهذه التغيرات من نتائج ضعفه، وليس هذا الاستعداد لغيره، حتى الملك لا يقدر أن يتصف بصفات البهيمية، والبهيمية لا تقدر أن تتصف بصفات الملك؛ لعدم ضعف الإنسانية، وإنما خص الإنسان بهذا الضعف لاستكماله بالتخلق بأخلاق الله واتصافه بصفات الله تعالى، كما جاء في الحديث الرباني: " أنا ملك حي لا يموت أبدا، عبدي أطعني أجعلك حيا ملكا لا تموت أبدا " ، فعند هذا الكمال يكون خير البرية، وعند اتصافه بصفات البهيمية يصير شر البرية، فافهم جيدا.

[4.29-30]

ثم أخبر عن ما يفسد حاله ونهاه بقوله تعالى: { يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل } [النساء: 29]، إشارة في الآية: من خصائص الإيمان { لا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل } [النساء: 29]؛ أي: في غير طلب الحق بالهوى وتتبع الشهوات واستيفاء اللذات، { إلا أن تكون تجرة عن تراض منكم } [النساء: 29]؛ يعني: إلا أن يكون تصرفكم في أموالكم تجارة تنجيكم من عذاب الآخرة، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله

بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون

[التوبة: 41]، ثم قال تعالى: { ولا تقتلوا أنفسكم } [النساء: 29]؛ أي: بصرف أموالكم في هواها وشهواتها، فإنها سمها القاتل المهلك { إن الله كان بكم رحيما } [النساء: 29]، إذ بين لكم هذه الآفات قبل أن تقعوا فيها، ودلكم على هذه التجارات لتربحوا بها السعادات.

{ ومن يفعل ذلك } [النساء: 30]؛ أي: يصرف المال بالهوى، { عدوانا } [النساء: 30]؛ أي: يعدوا أمر الله تعالى، { وظلما } [النساء: 30]؛ أي: يظلم على نفسه بمتابعة الهوى، { فسوف نصليه نارا } [النساء: 30] القطيعة، { وكان ذلك } [النساء: 30]؛ أي: حرمانه وقطيعته عن الله تعالى، { على الله يسيرا } [النساء: 30] لا يبالي به.

Página desconocida