Tawilat
التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي
Géneros
{ يأيها الناس اتقوا ربكم } [النساء: 1]، إشارة في الآية: أن الله تعالى يذكر الناس ببدء خلقتهم بالأشباح والأرواح بقوله تعالى: { يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة } [النساء: 1]، فإنهم كما خلقوا بالأشباح عن نفس واحدة وهي شبح آدم عليه السلام، كذلك خلقوا بالأرواح عن نفس واحدة وهي روح محمد صلى الله عليه وسلم، لقوله:
" أول ما خلق الله روحي "
، فكما أن آدم عليه السلام بالشبح كان أبا البشر، كان محمد صلى الله عليه وسلم بالروح أبا الروح، { وخلق منها زوجها } [النساء: 1]؛ وهي النفس، خلقها من أدنى شعاع من أشعة أنوار روح محمد صلى الله عليه وسلم، { وبث منهما رجالا كثيرا } [النساء: 1]؛ وهم أرواح الرجال البالغين الكاملين في الدين، كقوله تعالى:
رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
[النور: 37]، { ونسآء } [النساء: 1]؛ أي: أرواح ناقصات غير بالغات في الدين، كما أخرج من آدم عليه السلام المقبول والمردود، أخرج من روح محمد صلى الله عليه وسلم روح الكامل والناقص.
{ واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام } [النساء: 1]؛ أي: اتقوا أن تسألوا به غيره، فلا تسألوا به عنه، { والأرحام } [النساء: 1]، ولا تقطعوا صلة رحم رحمتي بصلة غيري، دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى:
" أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها أسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته "
، إن الله تعالى خلق الخلق برحمته، ولولا سبقت رحمته غضبه ما خلق أحدا من العالمين، فالواجب على الخلق أن يصلوا رحم رحمته بطلبه والانقطاع عن غيره؛ ليصلهم برحمته وكرامته، { إن الله كان عليكم } [النساء: 1] أيها المتقون { رقيبا } [النساء: 1]؛ لئلا يلتفتوا إلى غيره بالاعتراض عنه، بل { كان عليكم رقيبا } [النساء: 1]؛ لتتقوا به عن غيره، وتصلوا به بالانقطاع عن غيره.
ثم أخبر عن التقوى بإحراز أموال اليتامى بقوله تعالى: { وآتوا اليتامى أموالهم } [النساء: 2]، إشارة في الآيتين: إن الله تعالى نفى بهاتين الأخلاق الذميمة والأفعال القبيحة، وبها زكى أنفسهم عن آفاتها؛ وهي الحسد والدناءة، والخسة والطمع، الخيانة والمكر والخديعة، والجور والظلم، والشهوة والغضب، وسوء الخلق والبخل، والكبر والأنفة، وحلالها بأضدادها تكميلا للتخلق بأخلاق الحق، فقال تعالى: { وآتوا اليتامى أموالهم } [النساء: 2] تزكية عن آفة الحرص والحسد، والدناءة والخسة والطمع، وتحليته بالقناعة والمروءة وعلو الهمة والعافية، وقال تعالى: { ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب } [النساء: 2] تزكية عن آفة الخيانة والمكر والخديعة، وتحليته بالأمانة والديانة وسلامة الصدور، وقال تعالى: { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } [النساء: 2] تزكية عن الجور والحين والظلم وتحليته بالعدل والإنصاف، فإن اجتماع هذه الرذائل في نفس الأمر { إنه كان حوبا كبيرا } [النساء: 2]، حجابا عظيما.
وقال تعالى: { وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النسآء مثنى وثلث وربع } [النساء: 3] تزكية عن الزنا والفواحش التي تتعلق بالشهوة، وتحليته بالعفة والإحصان، وقال تعالى: { فإن خفتم ألا تعدلوا فوحدة أو ما ملكت أيمنكم ذلك أدنى ألا تعولوا } [النساء: 3].
Página desconocida