113

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Géneros

لا يكلف الله نفسا إلا وسعها

[البقرة: 286]، على أنا نقول لو كلف يجوز ولا يكون منه ظلما، ولكنه لا يكلف فإنه ليس من سنته

ولن تجد لسنة الله تبديلا

[الأحزاب: 62] وإنما قلنا أنه كان في حق آدم التكليف بما لا يطاق لأن الملائكة غير مستعدين لإنباء الأسماء كلها؛ لأن الأسماء على ثلاثة أقسام: منها أسماء الروحانيات والملكوتيات وهي مقام الملائكة ومرتبتهم، فلهم علم بعضها واستعداد أيضا لإنباء بما لا علم لهم بها، فإن الروحانيات والملكوتيات لهم شهادة كالجسمانيات لنا، والقسم الثاني: منها أسماء الجسمانيات وهي مرتبة دون مرتبتهم فيمكن إنباءهم؛ لأن الجسمانيات لهم كالحيوانات بالنسبة إلينا فإنها مرتبة دون مرتبة الإنسان فيمكن للإنسان الإنباء بأحوالها، والقسم الثالث: منها أسماء الإلهيات وهي مرتبة فوق مرتبة الملائكة، كما قال تعالى:

يخافون ربهم من فوقهم

[النحل: 50]، فلا يمكن للإنسان أن ينبئهم بها، ولا يمكن لهم الإنباء بما فوق ما علمهم الله منها؛ لأنها غيبهم وليس لهم الترقي إلى الغيب، ولهم مقام معلوم لا يتجاوزون عنه، وكذلك يمكن لهم النزول إلى هذا العالم، وذلك أيضا بالأمر لقوله تعالى:

وما نتنزل إلا بأمر ربك

[مريم: 64]، ولا يمكن لهم الترقي من سدرة المنتهى إلى عالم الجبروت؛ لأنهم أهل الملكوت كما قال جبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى ليلة المعراج

" لو دنوت أنملة لأحترقت ".

{ فلمآ أنبأهم بأسمآئهم } [البقرة: 33] أي: بأسماء معرضهم على الملائكة وبأنفسهم، وإنما كان آدم عليه السلام مخصوصا بعلم الأسماء دون الملائكة، وهم محتاجون إليه بإنباء أسمائهم وأسماء غيرهم؛ لأن آدم عليه السلام كان بالحقيقة أفضل العالم وخلاصته، وكان روحه بذر شجرة العالم، وشخصه ثمرة شجرة العالم، ولهذا خلق شخصه بعد تمامه بما فيه كخلق الثمرة بعد تمام الشجرة، وكما أن الثمرة تعبر عن أجزاء الشجرة كلها حتى تظهر على أعلى الشجرة، كذلك آدم عبر على أجزاء الشجرة الموجودات علوها وسفلها، وكان في جزء من أجزائها له منفعة ومضرة ومصلحة ومفسدة، فسمي كل شيء منها باسم يلائم تلك المنفعة والمضرة والمصلحة والمفسدة بعلم علمه الله تعالى واختص به من الملائكة، وغيرهم هذا من جملة ما كان الله يعلم من آدم عليه السلام والملائكة لا يعلمونه.

Página desconocida