101

Tawilat

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

Géneros

ولقد كرمنا بني ءادم

[الإسراء: 70]، وفيها وفي أمثالها دلالات يطول شرحها فقس الباقي على نداء { فأما الذين آمنوا } [البقرة: 26]، بنور الإيمان يشاهدون المعاني والحقائق في صورة الأمثلة { فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا } [البقرة: 26]، جحدوا الحق ظلمة إنكارهم غشاوة أبصارهم فما شاهدوا الحقائق في كسوة الأمثلة كما أن العجمي لا يشاهد المعاني في كسوة اللغة العربية فيسأل عن الحيرة: " ماذا أراد العربي بهذه اللفظة " ، فكذلك الكفار والجهال عند تحيرهم في إدراك حقائق الأمثال قالوا: { فيقولون ماذآ أراد الله بهذا مثلا } [البقرة: 26]، فبجهلهم زاد إنكارهم على الإنكار فتاهوا في أودية الضلالة بقدم الجهالة.

{ يضل به كثيرا } [البقرة: 26]، ممن أخطأه رشاش النور في بدء الخلقة كما قال صلى الله عليه وسلم:

" إن خلق الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه ذلك النور فقد اهتدى ومن أخطأه فقد ضل "

، فمن أخطأه ذلك النور في عالم الأرواح فقد أخطأه نور الإيمان هاهنا، ومن أخطأه نور الإيمان فقد أخطأه نور القرآن فلا يهتدي، ومن أصابه ذلك هناك أصابه هاهنا نور الإيمان، ومن أصابه نور الإيمان فقد أصابه نور القرآن، ومن أصابه نور القرآن فهو ممن قال: { ويهدي به كثيرا } [البقرة: 26]، وكان القرآن لقوم شفاء ونعمة لأن كلامه صفة شاملة للطف والقهر؛ فبلطفه هدى الصادقين، وبقهره أضل الفاسقين بقوله: { وما يضل به إلا الفسقين } [البقرة: 26]، والفاسق الخارج من إصابة رشاش النور في بدء الخلقة.

ثم أخبر عن نتائج ذلك الخروج ونقض العهد كما قال تعالى: { الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثقه } [البقرة: 27]، الذين ينقضون عهد الله الذي عاهدوه يوم الميثاق على التوحيد والعبودية والإخلاص من بعد ميثاقه، { ويقطعون مآ أمر الله به أن يوصل } [البقرة: 27]، من أسباب السلوك الموصل إلى الحق وأسباب النقل والانقطاع عن غير الخالق.

كما قال تعالى:

وتبتل إليه تبتيلا

[المزمل: 8]، أي: انقطع إليه انقطاعا كاملا عن غيره { ويفسدون في الأرض } [البقرة: 27]، أي: يفسدون بذر التوحيد الفطري في أرض طينتهم بالشرك والإعراض عن قبول دعوة الأنبياء، وسقي بذر التوحيد بالإيمان والعمل الصالح { أولئك هم الخسرون } [البقرة: 27]، خسروا استعداد كمالية الإنسان المودعة فيهم كما تخسر النواة في الأرض استعداد النخلية المودعة فيها عند عدم الماء لقوله تعالى:

والعصر * إن الإنسان لفى خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات

Página desconocida