وفي (١٨٧ \ أ) هذا إشارة إلى أن الميزان إنما يثقل بما يثقل على النفوس: من المصائب ويشق، فأما ما لا يثقل عليها ولا يشق لمن يتمنى موته من أولاده فلا يثقل به الميزان.
قال ابن أسلم (١): مات ابن لداود ﵇ فحزن عليه حزنا شديدا. فأوحى الله (إليه) (٢): ماذا كنت مفتديه؟ قال: بطلاع (٣) الأرض ذهبا. قال: فأوحى الله إليه: إن لك عندي من الأجر بحساب ذلك. وفي رواية قال: يا داود ما كان يعدل هذا الولد عندك؟ قال: كان يعدل عندي ملء الأرض ذهبا. قال: فلك يوم القيامة عندي ملء الأرض ثوابا (٤) . سبحان من لا يحصي العباد نعمه. وربما كانت نعمه فيما يسوء أكثر من نعمه فيما يسر كما قيل:
إذا مس بالسراء عم سرورها ... وإن مس بالضراء أعقبها الأجر
وما فيهما إلا له فيه نعمة ... تضيق بها الأوهام والبر والبحر
لما كان للمؤمن داران: دار يرتحل منها، ودار ينتقل إليها ويقيم بها أمره أن ينقل من دار ارتحاله إلى دار إقامته؛ ليعمرها من بعض ما أعطاه في دار ترحاله.
وربما أخذ منه كرها ما يعمر به دار إقامته، ويكمل له به عمارتها وإصلاحها، ويقدم له إليها ما يحب من أهل ومال وولد، يسبقونه إليها؛ ليقدم على ما يحب من مال وأهل وولد، وإن كان المؤمن (١٨٧ \ ب) لا يشعر بذلك.
_________
(١) أبو عبد الله زيد بن أسلم العدوي مولى عمر بن الخطاب، ثقة عالم وكان يرسل ت ١٣٦ تقريب / ٢٢٢.
(٢) ساقط من الأصل.
(٣) الطلع: المقدار. ترتيب القاموس ٣ / ٨٨.
(٤) ذكره ابن ناصر الدين في برد الأكباد / ٢٧.
1 / 17