وأما قوله مذى الرجل يمذي؛ فمعناه: خرج من ذكره المذي؛ وهو ماء أرق من المني، ولا لذة له عند خروجه. ومنه قيل للعسل، الذي فيه رقة: الماذي. واسم ذلك الماء: المذْي بسكون الذال، كأنه سمى بمصدره؛ لأنه يقال: مذى يمذي مذيا. وإنما يخرج ذلك الماء عند ملاعبة النساء، أو ذكر الجماع. والعامة تقول: أمذى الرجل، بالألف، وليس ذلك بخطأ، ولكنها لغة للعرب، على ما وصفنا؛ من شرح فَعَل وأفعل، أنهما لا يجيئان بمعنى واحد، ولكن بمعنيين مختلفين، أو يكونان لغتين متباينتين.
وأما قوله: رعبت الرجل أرعبه؛ فمعناه: أفزعته، وهو فعلت من الرعب، وهو الفزع. والعامة تقول: أرعبته، بألف، على مثال أفزعته. وقولهم للمفعول: مرعوب، يدل على أن فعله رعبت، بغير ألف، ولو كان بألف كان مفعوله مرعبًا، على بناء مفعل. وإنما انفتح المستقبل منه من أجل أن ثانيه من حروف الحلق، ولولا ذلك/ لكان مكسورًا، أو مضمومًا، كما شرحنا.
وأما قوله: رعدت السماء، من الرعد، وبرقت، من البرق. وكذلك قوله: رعد الرجل وبرق، إذا أوعد وتهدد، قال: وقد يقال: أرعد وأبرق؛ فإن معنى الرعد معروف؛ وهو صوت الريح في السحاب؛ سمي بذلك؛ لما فيه من الرعدة. وفي الحديث: "أنه صوت ملك، يسوق السحاب، ويزجره". ومعنى البرق: الضوء اللامع، وهو البريق من كل مضيء، كالمرآة والسيف، والعقيقة، والشمس والنار، ونحو ذلك من الأشياء البراقة. يقال في كل شيء مضيء لمع، قد برَقَ وهو يبرق برقا، حتى الثريدة، إذا جعل فيها الزيت، يقال: برقتها. ومنه قولهم: برَّق عينه، إذا فتحها جدًا ولمعها، فهو يبرقها تبريقًا. ومنه سمي البراق، الذي تركبه الأنبياء، صلوات الله عليهم. وكذلك كل شيء كان منه صوت شديد مرتعد، يقال منه: رَعَد وتَرَعّد، ولذلك سميت السحابة: راعدة وبارقة، وقيل في مثل لهم: "رب صلف تحت الراعدة" فهذا على ميزان فعل، بغير ألف. فإن أردت
1 / 75