El Sufismo Islámico y el Imam Shacrani
التصوف الإسلامي والإمام الشعراني
Géneros
ذلك هو أدب الطريق الصوفي الذي يلقنه الشيوخ للمبتدئين؛ أن ينفوا الوجود عن قلوبهم، بل عن خواطرهم؛ لتمتلئ كل جوارحهم بذكر الله، وحب الله، وجلال الله.
تلك معنويات عليا يتذوقها المؤمنون العابدون، ولا شأن لها بما أراد المضللون الذين توهموا في هذا القول المنير وحدة الوجود، أو الاتحاد والحلول.
لم ينف المتصوفة بهذا القول الإيماني العظيم وجود الكون، ولم يتصوروا بل لم يجل بخواطرهم أن معنى ذلك وحدة أو حلول. إنهم قوم حجبتهم المحبة عما سوى الله فلم يروا في الكون سواه ، مسألة حسية وجدانية، ليس معناها أن الكون قد زال أو فني، وإنما معناها أن القلب المحب قد استغرقه جلال محبة الأعظم فلم ير إلا إياه.
يقول الشعراني: «أجمع أهل الحق على أن حقائق الأشياء ثابتة، فكيف يصح نفيها؟ إنما العبد يحجب عنها بما دهمه من الأمور العظيمة، قيل للشبلي: ما التوبة؟ قال: ألا تشهد في الدارين سواه؛ أي لا تشهد في الدارين خالقا أو ربا أو رازقا أو مؤثرا ومدبرا سواه، وإن شهدت ليس لأحد وساطة أو أثر في عمل ما؛ فلا تلتفت إلى ذلك.
وليس معنى هذا أن لا نشهد غير الله أصلا من جميع الأكوان؛ فإن ذلك لا يصح للمقربين، وذلك معنى قوله صلوات الله وسلامه عليه: «أصدق كلمة قالها شاعر كلمة لبيد:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ... ... ... ...»
أي كالباطل من حيث إن كل شيء قائم بالله تعالى لا بنفسه، فإن شاء الله أبقاه، وإن شاء أذهبه في لمح البصر أو هو أقرب.»
ذلك فناء المبتدئين أو مقام المريدين أو حجاب السالكين في أول الطريق، يحجبون بحب الله عما سواه، أما الكمل السادة فقد ارتفعوا فوق تلك المعاني ولم يقفوا مع العقبات، بل رأوا الله - جل جلاله - ورءوا الكون أيضا، وذلك - كما يقول محيي الدين - أكمل ألوان العبادات.
يقول السراج الطوسي في اللمع: «غلطت جماعة من البغداديين في قولهم: إنهم عند فنائهم عن أوصافهم دخلوا في أوصاف الحق. وقد أضافوا أنفسهم بجهلهم إلى معنى يؤدي بهم إلى الحلول، أو إلى مقالة النصارى في المسيح - عليه السلام.»
فإن وجد في كلام الكمل من المتصوفة معنى الفناء في الله - جل شأنه - فالمعنى الصحيح المقصود من ذلك أن الإرادة للعبد، وهي من عند الله عطية، ومعنى خروج العبد من أوصافه والدخول في أوصاف الحق خروجه من إرادته ودخوله في إرادة الحق، وذلك منزل من منازل أهل التوحيد.
Página desconocida