ويقتصر ابن سلاّم عند شرح الكلمة في الغالب على الشرح اللّغوي والشرح القرآني يقدمها في إيجاز. فكلمة "هدى" تعني البيان، ودين الإسلام، والدعاء والمعرفة الخ ... . وكلمة "توحيد" تعني الإقرار باللسان، والتصديق، والتوحيد الخ ...
وهكذا بالنسبة لكل الكلمات الواردة في الكتاب.
لكن هذا لا يمنع أن يجد الباحث في كتاب التصاريف أيضا تعرّضا لذكر أسباب النزول، أو لذكر القراءات، أو لذكر المكي والمدني من الآيات. غير أنّ ذلك لم يرد فيه بكثرة.
فبالرجوع إلى ما ذكرنا يصحّ أن نعتبر كتاب التصاريف كتاب تفسير، إذ يصدق عليه تعريف كلمة التفسير بأنه بيان اللَّفظ عن طريق القرآن، أو عن طريق السَّماع والرواية. مع ملاحظة أنَّه يختلف عن كتب التفسير المعهودة في كيفية تقديم مادّته لأنه يرمي إلى غايتين معلومتين: الشرح والجمع.
ويجوز أن نتساءل، هل يوجد في الكتاب تأويل إلى جانب التَّفسير لما نعلمه من علاقة بين المصطلحين؟
فإن كان بعض العلماء قد وحَّد بين الكلمتين فإن البعض الآخر قد جعلهما مختلفتين، وقد عرّف بعضهم التفسير بأنه: "بيان لفظ لا يحتمل إلاّ وجها واحدا، والتَّأويل توجيه لفظ متوجّه إلى معان مختلفة إلى واحد منها، بما ظهر من الأدلة". وأضاف الأصبهاني: "وأما التأويل فإنَّه يستعمل مرّة عاما، ومرة خاصا، نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق، وتارة في جحود الباري ﷿ خاصّة ... وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة، نحو لفظ وجد المستعمل في الجِدة، والوجد والوجود".
على هذا الأساس يعتبر كتاب التصاريف مشتملًا على التأويل مثلما هو كتاب تفسير. فهو كتاب تفسير بما فيه من الرواية، وهو كتاب تأويل أيضا بتوجيه اللَّفظ إلى المعنى المقصود دون غيره من المعاني المشتركة.
لكن ينبغي أن لا نغفل عن ملاحظة هامَّة. وهي أن التَّوجيه المقصود في التَّعريف المذكور موكول إلى الاجتهاد، ما دامت هنالك أدلَّة يتصرّف فيها المفسر، ويرجّح على ضوئها المعنى المقصود؛ فالمؤوّل يستنبط المعنى استنباطا.
1 / 63