El Camino de los Hermanos de la Pureza: Introducción al Gnosticismo Islámico
طريق إخوان الصفا: المدخل إلى الغنوصية الإسلامية
Géneros
ومنها قوى النفس الحيوانية، وحركاتها وأخلاقها وحواسها وفضائلها ورذائلها. ومسكنها القلب، وأفعالها تجري مجرى العروق الضوارب إلى سائر أطراف الجسد.
ومنها قوى النفس الناطقة، وتمييزاتها ومعارفها، وفضائلها ورذائلها؛ ومسكنها الدماغ، وأفعالها تجري مجرى الأعصان إلى سائر أطراف الجسد.
ثم اعلم أن هذه النفوس الثلاث ليست متفرقات متباينات بعضها من بعض، ولكنها كلها كالفروع من أصل واحد، متصلات بذات واحدة كاتصال ثلاثة أغصان من شجرة واحدة، تتفرع من كل غصن عدة قضبان، ومن كل قضيب عدة أوراق وثمار ... فهكذا أمر النفس، فإنها واحدة بالذات، وإنما تقع عليها هذه الأسماء بحسب ما يظهر منها من الأفعال. وذلك إذا فعلت في الجسم الغذاء والنمو، فتسمى النفس النامية، وإذا فعلت في الجسم الحس والحركة والنقلة فتسمى النفس الحيوانية، وإذا فعلت الفكر والتمييز، فتسمى النفس الناطقة» (23: 2، 383-387). «اعلم أيها الأخ البار الرحيم، أيدك الله وإيانا بروح منه، أنه لما فرغنا من تركيب جسد الإنسان، وبيان أنه عالم صغير، وأن بنية هيكله تشبه مدينة فاضلة، وأن نفسه تشبه ملكا في تلك المدينة، فنريد الآن أن نذكر طرفا من المعلومات فنقول:
إن علم الإنسان بالمعلومات يكون من ثلاثة طرق، أحدها: طريق الحواس الخمس الذي هو أول الطرق، ويكون جمهور علم الإنسان، ويكون معرفته بها من أول الصبا، ويشترك الناس كلهم فيها وتشاركهم الحيوانات. والثاني: طريق العقل الذي ينفصل به الإنسان دون سائر الحيوانات، ومعرفته به تكون بعد الصبا عند البلوغ. والثالث: طريق البرهان الذي يتفرد به قوم من العلماء دون غيرهم من الناس، وتكون معرفتهم بها بعد النظر في الرياضيات الهندسية والمنطقية» (24: 2، 396-397). «[أما] في العلة التي صار علم الإنسان بالمعلومات من ثلاثة طرق فنقول: إنه لما كان الإنسان من جملة مجموعة بدن جسماني ونفس روحانية، صار بنفسه الروحانية يدرك العلم، كما أنه بجسده الجسماني يعمل الصنائع.
31
ولما كانت النفس في الرتبة الوسطى من الموجودات، وذلك أن من الأشياء ما هو أعلى وأشرف من جوهر النفس كالباري تعالى والعقل والصور المجردة من الهيولى الذين هم ملائكة الله المقربون. ومنها ما هو أدون من النفس كالهيولى والطبيعة والأجسام أجمع، فصارت معرفة النفس بالأشياء التي دونها في الشرف بطريق الحواس التي هي المباشرة والمماسة والمخالطة والإحاطة. وأما ما كان أشرف منها وأعلى، فصارت معرفتها لها بطريق البرهان الذي يضطر العقول إلى الإقرار به من غير إحاطة ولا مباشرة، وصارت معرفتها بذاتها وجوهرها بطريق العقل؛ لأن نسبة العقل إلى النفس كنسبة الضوء من البصر، وكنسبة المرآة إلى الناظر فيها. فكما أن البصر لا يرى شيئا من الأشياء إلا بالضوء ... كذلك النفس لا تنظر ذاتها إلا بنور العقل، ولا تعرف حقائق الموجودات إلا بالنظر إلى العقل. وإنما يتسنى للنفس النظر إلى العقل بعين البصيرة، إذا هي انفتحت؛ وإنما تنفتح لها عين البصيرة إذا هي انتبهت من نوم الغفلة ورقدة الجهالة، ونظرت بعين الرأس إلى هذه المحسوسات، وفكرت في معانيها، واعتبرت أحوالها حتى تعرفها حق معرفتها» (24: 2، 415-416). «[أما] وقد بينا لم صارت طرق العلوم ثلاثة ... فنريد أن نذكر الآن طرق الحواس الخمس، ونصف كيفية إدراك القوى الحساسة لمحسوساتها ... فنقول أولا: ما الحواس الخمس؟ وما القوى الحساسة؟ وما الحس؟ وما الإحساس؟ وما المحسوسات؟ جواب ذلك:
فاعلم أن الحواس هي آلات جسدانية، وهي خمس: العين، والأذن، واللسان، والأنف، واليد. وذلك أن كل واحد منها عضو من الجسد.
وأما القوى الحساسة فهي قوى روحانية نفسانية، يختص كل منها بعضو من أعضاء الجسد.
وأما المحسوسات، فالأشياء المدركة بالحواس. والمدركة بالحواس هي أعراض حالة في الأجسام الطبيعية، مؤثرة في الحواس، مغيرة لكيفية مزاجها.
والحس هو تغيير مزاج الحواس عن مباشرة المحسوس لها. والإحساس هو شعور القوى الحساسة لتغييرات كيفية أمزجة الحواس.
Página desconocida