وَدخلت سنة أَربع وَخمسين وَألف فِي ثَانِي عشر محرم كَانَ تَحْويل سنة الْعَالم فَكَانَ زحل فِي برج الْحمل بِآخِرهِ وَالْمُشْتَرِي فِي أول الجوزاء والمريخ بِأول دَرَجَة من الْأسد والجوزاء هِيَ ببرج الْأسد
وفيهَا ساخ جبل الأهجر وتدعثر من أَعْلَاهُ بعض الْحِجَارَة والطين وكبس بعض مَا يَلِيهِ من الْحَدث والبساتين وفيهَا كتب الإِمَام إِلَى الشريف المحسن بن الْحُسَيْن أَمِير مَكَّة يطْلب مِنْهُ الإنتماء إِلَيْهِ ويرغبه فِي الإقبال عَلَيْهِ وَأَن يضْرب برسمه السِّكَّة ويخطب لَهُ بمنبر مَكَّة وَضمن ذَلِك رِسَالَة مشحونة بدلائل محبَّة الْبَيْت النَّبَوِيّ والجناب المصطفوي وَحسن الإنتماء إِلَى الْأَئِمَّة وَمَا لَهُم من المزية على سلاطين الْأمة فَأجَاب الشريف بالإمتثال وَأَنه يُبَادر بِالْإِرْسَال فَركب رَسُوله الْبَحْر فِي غير موسم الْحَج حَتَّى انْتهى إِلَى جدة وَهُنَاكَ بلغه أَن مرسله بلغ من الْحَيَاة حَده وتأهب للمعاد ورحل بِمَا مَعَه من الزَّاد فَعَاد من حَيْثُ وصل واتصل بِهِ من الاكتئاب مَا اتَّصل وَالَّذِي عرف من قَرَائِن أَحْوَال الْأَشْرَاف أَن ذَلِك الْجَواب إِنَّمَا هُوَ تأدب لَا إعتراف واستخراج لدرر الْفَوَائِد من الأصداف واجتناء لثمر العوائد من أَغْصَانهَا بلطف الإقتطاف وَإِلَّا فَإِنَّهُ قد كَانَ سبق من الإِمَام إِلَى أهل مَكَّة رِسَالَة يحثهم فِيهَا على تَسْلِيم الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة إِلَى من يُرْسِلهُ إِلَيْهِم ويؤمره فِي قبضهَا عَلَيْهِم فَمَا كَانَ جوابهم عَن ذَلِك القيل بِغَيْر قَول إِبْرَاهِيم الْخَلِيل ﴿رَبنَا إِنِّي أسكنت من ذريتي بواد غير ذِي زرع عِنْد بَيْتك الْمحرم رَبنَا ليقيموا الصَّلَاة فَاجْعَلْ أَفْئِدَة من النَّاس تهوي إِلَيْهِم وارزقهم من الثمرات لَعَلَّهُم يشكرون﴾ ثمَّ استمدوا من الإِمَام صنوف التفضل والإنعام
1 / 93