ومنهم ذو العبارة والإشارة، الشيخ عمارة، كان كبير القدر والشأن، عظيم الفتوة والإحسان، كثير المروءة في حق الإخوان، ملازم التلاوة للقرآن ظاهر الوضاءة، عظيم المحبة، شديد الشوق، إذا قرأ أطرب، وإذا ذكر رأيت منه العجب، كان يتفضل علي بالزيارة، فيحصل في الحال لقلبي استنارة، ويحق اجتهادي، وتسهل علي أورادي، وتطمئن نفسي ويتجدد أنسي، وله كرامات وأحوال لا تحصر، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ولا يخاف في الله لومة لائم ولا يحذر، ولا يرهب من سلطان ولا يتكثر بنفس ولا شيطان، لا نفاق عنده، ولا رياء، والناس عنده في الحق سواء، ومن كراماته حديث الجراد، أخبرنا الشيخ شمس الدين خطيب عكبرا، قال: كان أكابر الأولياء يعظمونه ويكرمونه، ويخضعون له ويحترمونه، إن قام في أمر لم يعترضوا عليه وإن صدر منه شيء سلموا حاله إليه، صحبته دهرا طويلا فانتفعت به سرا وجهرا، وحصل لي به الخير في الدنيا، وأرجو أن يكون كذلك في الآخرة، سمعته ينشد في بعض خلواته يترنم وقلبه يخفق بما يتكلم، حتى ظننت أن قلبه هو الذي يتكلم، وله حنين وأنين وهو يقول:
أيا ويح عذالي على ما لاموا
وقد علموا أني سهرت وقد ناموا
أهيم بمحبوبي وما يعرفونه
ولو أنهم ذاقوا الغرام ما لاموا
قضى الله للعشاق أن يهجروا الكرى
كأن منام العاشقين حرام
فلو جزت بالوادي رأيت خيامهم
وأبصرت سوق الحب كيف يقام
ومات بالطاعون الكبير.
ومنهم الكبير القدر، الجميل الذكر، المعمور بالنور، بقية السلف وأنس الخلف، صاحب الهمة والاجتهاد، ذو اليقظة والاستعداد، ظاهر النور بادي الحبور، سيدي الشيخ بريك المرجي اجتمعت به فأحببته، وتحققت عندي منزلته.
ومنهم صاحب الإشارة والأسرار، والمحبة المزعجة عن الاستقرار
Página 178