فصل لبيان الأعيان من الصفديين
إلى آخر المدة
وهو قسمان: الأول منسوبون إلى الصلاح والزهد، الثاني منسوبون إلى العلم والسيادة.
القسم الأول
منهم الشيخ الصالح العارف القدوة الولي عبد المحسن، كبير القدر والسن، كان هنا عقيب الفتح، واستمر مدة طويلة يقصد للزيارة والبركة، وكان عظيم المهابة مجاب الدعوة، أخبرني والدي (رحمه الله تعالى) قال: شاهدت له كرامات غزيرة، وحفظت من لفظه استغفارا وجدت بركته، وهو: «اللهم إني أستغفرك من كل ذنب تبت إليك منه، ثم عدت فيه، وأستغفرك من كل عمل أردت به وجهك فخالطه غيرك، وأستغفرك من كل نعمة أنعمت بها علي فعصيتك بها، وأستغفرك يا عالم الغيب والشهادة من كل ذنب أتيته في ضياء النهار وسواد الليل في ملاء وخلاء، وسر وعلانية، يا حليم».
ومنهم الشيخ كمال الدين محمد العثماني جدي الخطيب، كان من الأولياء الزهاد العباد، عظيم الهمة والاجتهاد، كافل الأرامل والأيتام، متحري في طلب الحلال، وترك الحرام، ورزق ذرية مباركة، وكان عظيم المهابة، مجاب الدعوة، عظيم ما له نظير في زمانه ووقته في التواضع، ولين الجانب والشفقة، والرحمة، لا يمسك شيئا من الدنيا ولا يبيت إلا على فاقة، مع سعة الرزق لكن لكثرة أتباعه وعظيم سخائه، ولد بدمشق سنة ست وعشرين وستمائة، ونشأ بها، فلما كانت نوبه هلاؤون، خرج بنية قصد الديار المصرية، فأسره التتار مع جماعة من أصحابه، فربطوهم ولم يربطوه حياء منه، لحسن شكله، وظهور نوره، وقالوا: لا تهرب، فلما كان الليل نام التتار والأسارى، وقام هو يتهجد ويتضرع، فقالوا: اذهب
Página 157