كليني لهم يا أميمة ناصب * وليل أقاسيه بطئ الكواكب تطاول حتى قلت ليس بمنقض * وليس الذي يرعى النجوم بآيب عند قوله تعالى (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف) من تأكيد الشئ بما يشبه نقيضه كقولك فلان لا عيب فيه إلا أنه سخى، وقوله تعالى (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما) على بعض التوجيهات، يعنى إن أمكنكم أن تنكحوا ما قد سلف فانكحوه فلا يحل لكم غيره وذلك غير ممكن، والغرض المبالغة في تحريمه وسد الطريق إلى إباحته كما يعلق بالمحال في التأبيد في نحو قولهم: حتى يبيض القار، و (حتى يلج الجمل في سم الخياط) كما استثنى غير أن سيوفهم من قوله: لاعيب فيهم، وفلول السيف كناية عن كمال الشجاعة، فكونه من العيب محال. وقد استشهد بالبيت المذكور في سورة الأعراف عند قوله تعالى (وما تنقم منا إلا أن آمنا) أي ما تنقم منا إلا ما هو أصل المناقب والمفاخر كلها وهو الإيمان. وقد استشهد به أيضا عند قوله تعالى في سورة مريم (لا يسمعون فيها لغوا إلا سلاما) أي إن كان تسليم بعضهم على بعض أو تسليم الملائكة عليهم لغوا فلا يسمعون لغوا إلا ذلك، فهو من وادى * ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * الخ. على أحد الوجوه الثلاثة المذكورة في الكشاف، وقبل البيت:
على عارفات للطعان عوابس * بهن كلوم بين دام وجالب إذا استنزلوا للطعن عنهن أرقلوا * إلى الموت إرقال الجمال المصاعب قوله عارفات: أي صابرات، والعارف: الصابر، يقال أصابته مصيبة فوجد عروفا: أي صبورا.
عوابس: كوالح بهن: أي بهذه الخيل. كلوم بين دام: أي جرح طري فهو يدمى وآخر قد يبس فعليه جلبة يابسة: أي قشرة تركب الجرح. قوله استنزلوا: أي يضيق المكان على الفارس فينزل فيقاتل راجلا. وأرقلوا:
أسرعوا. وواحد المصاعب مصعب وهو الفحل الذي لم يركب ولم يمسه حبل حتى صار صعبا.
(لا يجتوينا مجاور أبدا * ذو رحم أو مجاور جنب) عند قوله تعالى (والجار ذي القربى والجار الجنب) أي الذي جاره بعيد، وقيل الجار القريب النسيب والجار الجنب الأجنبي، وأنشد لبلعان بن قيس: أي لا يكرهنا من اجتويت البلاد إذا كرهتها أو لم يوافقك ماؤها ولا هواؤها وذو رحم: أي ذو قرابة. أو مجاور جنب: أي أجنبي.
(أمنت على السر امرأ غير حازم * ولكنه في النصح غير مريب أذاع به في الناس حتى كأنه * بعلياء نار أوقدت بثقوب) هو لأبى الأسود الدؤلي في النساء عند قوله تعالى (وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به) يقال أذاع السر وأذاع به: أي جاء متعديا بنفسه وبالباء، والمتعدى بها يحتمل أن يكون هو المتعدى بنفسه ينزل منزلة اللازم ثم وصل بالباء كما وصل في يجرح في عراقيبها نصلى فيكون أبلغ من المتعدى بنفسه من جهة أن المعنى فعل به حقيقة الإذاعة وجعله محلا لذلك. والثقوب: اسم لما يثقب به النار كالوقود اسم لما يوقد به، ومن أحسن ما قيل فيمن لا يكتم السر قوله:
لي صديق غدا وإن كان لا * ينطق إلا بغيبة أو محال
Página 331