عند قوله تعالى (كيف يهدى الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق) حيث عطف وشهدوا على ما في إيمانهم من معنى الفعل لأن معناه بعد أن آمنوا، وقوله: ليسوا مصلحين عشيرة * ولا ناعب... بالجر عطفا على محل مصلحين لأن تقديره ليسوا بمصلحين، لأنه توهم أن الباء في مصلحين موجودة ثم عطف عليه مجرورا وإن كان منصوبا وهذا نادر لا يقاس عليه. وقد استشهد بالبيت المذكور أيضا في سورة هود عند قوله تعالى (ومن وراء إسحق يعقوب) حيث قرئ بالنصب كأنه قيل (ووهبنا له إسحق ومن وراء إسحق يعقوب) على طريقة ليسوا مصلحين عشيرة. وقد استشهد بالبيت المذكور أيضا في سورة المؤمن عند قوله تعالى (إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون) حيث قرئ بجر السلاسل، ووجهه أنه لو قيل إذ أعناقهم في الأغلال مكان قوله إذ الأغلال في أعناقهم لكان صحيحا مستقيما، فلما كانتا عبارتين معتقبتين حمل قوله والسلاسل على العبارة الأخرى، ونظيره * مشائيم ليسوا مصلحين عشيرة * الخ.
(وداع دعا يامن يجيب إلى الندى * فلم يستجبه عند ذاك مجيب) فقلت ادع أخرى وارفع الصوت جهرة * لعل أبى المغوار منك قريب في آل عمران عند قوله تعالى (فاستجاب لهم ربهم) يقال استجاب له ربه واستجابه.
* فلم يستجبه عند ذاك مجيب * أي لم يجبه، وقال تعالى (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) وقال (كلما أوقدوا نارا للحرب) وقائله كعب بن سعد الغنوي يرثى أخاه شبيبا واسمه هرم وكنيته أبو المغوار من قصيدته المشهورة التي منها:
تتابع أحداث تخرمن إخوتي * وشيبن رأسي والخطوب تشيب لعمري لئن كانت أصابت مصيبة * أخي والمنايا للرجال شعوب لقد كان أما علمه فمروح * علينا وأما جهله فغريب فإن تكن الأيام أحسن مرة * إلى فقد عادت لهن ذنوب ومنها البيتان، وبعدهما:
يجبك كما قد كان يفعل إنه * مجيب لأبواب العلاء طلوب (فاليوم قد بت تهجونا وتشتمنا * فاذهب فما بك والأيام من عجب) في النساء عند قوله تعالى (تساءلون به والأرحام) بالجر على وجهين على تقدير قراءة الجر والتمحل له بتقدير تكرير الجار، لأن عطف الظاهر على المضمر ليس بسديد، وأما قراءة النصب فعلى وجهين: أما العطف على لفظ الجلالة وأن يعطف على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا، وأما الرفع فعلى أنه مبتدأ خبره محذوف كأنه قيل والأرحام كذلك: أي مما يتقى. ومعنى البيت: أدنيت كلامك القبيح وأسرعت في الذم والإيذاء فاذهب على طريقتك فإنها شيمة الأيام وأهلها، وهو أمر تهديد وتخلية ومتاركة من قبيل (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما).
(ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب) هو للنابغة الذبياني من قصيدته المشهورة التي أولها:
Página 330