وقد حدث أبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر سمعت بندارا محمد بن بشار، سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: لو صنفت الأبواب لجعلت حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم في ((الأعمال بالنية)) في أول كل باب. وختم البخاري ((صحيحه)) بحديث الكلمتين المشتمل على توحيد الله وتنزيهه والإيمان به، وباليوم الآخر والحساب والميزان، وخرجه في آخر باب في الصحيح مستدلا به على ثبوت الميزان في الآخرة، لكن عنده أحاديث مصرحة بثبوت الميزان غير هذا الحديث، فخصوصية إدخاله هنا دون غيره لماذا؟
يحتمل -والله سبحانه أعلم- أن يكون امتثالا لقوله عز وجل: {وسبح بحمد ربك حين تقوم}. فكأن البخاري -رحمة الله تعالى- حين فرغ من تصنيف كتابه قام عن مجلس الكتابة، والتصنيف، فقال بلسان حاله أو بلسان قاله، أو بهما: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
أو أنه اقتدى بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما فعله في آخر عمره من التسبيح بحمد الله حين أمره ربه عز وجل: {فسبح بحمد ربك واستغفره}، فكذلك البخاري سبح بحمد الله في آخر تصنيفه.
أو أن البخاري لما جمع الأدلة الشرعية، والآداب المرعية، وتم له ما أراد كما أراد شبهه بالفتح والنصر على أهل البدع والضلال الذين نبغوا في زمانه فسبح بحمد ربه، كما سبح النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه نصر الله والفتح.
Página 137