وأما رواية زهير بن حرب ويوسف بن عيسى، عن ابن فضيل هذا الحديث ولفظه: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن))، فهذا -والله أعلم- خطاب للعامة، وفي تلك الرواية خطاب للخاصة فابتدأ صلى الله عليه وسلم في كل بما يليق به لأن عامة الناس قصدهم بالعمل الثواب، والخاصة قصدهم الملك الوهاب، ففي هذه الرواية الآخرة ابتدأ بقوله صلى الله عليه وسلم : كلمتان خفيفتان على اللسان؛ لأن من يثقل عليه العمل ونفسه مشرفة للثواب إذا سمع بعدم المشقة في العمل بادر إليه، وإذا سمع بثوابه اشتدت رغبته فيه، فقيل لهذا وأمثاله من أول وهلة: ((كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان)) وفي تلك الرواية ابتدأ بقوله: ((حبيبتان إلى الرحمن)) خطابا للخواص الذين إذا سمعوا بشيء يحبه الرحمن بادروا إليه، وإن كان فيه غاية المشقة، فظهر بهذا حسن الترتيب في كلا الروايتين. والله أعلم.
ومنه حسن الاختتام، وهو: أن يكون آخر الكلام من أحسن المقاطع، وأبلغ الختام بحيث يقضي من الغرض وعده، ولا يستدعي كلاما بعده، وقوله صلى الله عليه وسلم في آخر هذا الحديث: ((سبحان الله العظيم))، قد حاز من براعة الختام أجملها، ونال من بلاغة المقاطع أكملها، ولهذا عذب في الأسماع موقعه، وحسن في ختام ((صحيح البخاري)) موضعه.
Página 135