والسجع لا يشترط فيه أن تكون فقره متساوية، لكن إذا وقع الطول في أول فقرة من الفقرتين كان عيا، كما قاله القاضي عياض، وغيره، وربما أحوج تطويل الأولى إطالة الثانية، فيظهر على ذلك التكلف، وتعتريه وصمة التعسف، كما ذكر أبو الفرج قدامة بن جعفر الكاتب أن كاتبا كتب في تعزية: ((إذا كان للمحزون في لقاء مثله أكثر الراحة في العاجل))، فأطال هذا الجزء، وعلم أن الجزء الثاني ينبغي أن يكون مثل الأول وأطول، فقال: ((وكان الحزن راتبا إذ أرجع إلى الحقائق وغير زائل))، فأتى باستكراه وتكلف عجيب. انتهى.
والتطويل في الجزء الثاني مع قصر الأول غير معيب، قال القاضي عياض: بل ربما جاء مستحسنا، لا سيما إن توالت الفقر على سجع واحد، وجاءت على تقدير متعاضد، فالخروج من آخرها بعد زيادة فيها على تقدير أخواتها أحسن في السجع، وأوقع في السمع، وهذا ما لا ينكره حسن الذوق في الكتابة، ولا يجهله إلا طبع الطبع في الخطابة. انتهى.
وبعض الفقرات الأواخر من هذا الحديث أطول من التي قبلها، وهي قوله صلى الله عليه وسلم : ((كلمتان)) أقصر من قوله: ((حبيبتان))، وهذا أحسن في السجع، وأوقع في السمع وأعلق باللب، وأوصل للقلب.
Página 133