Tanqueo de la decisión diligente sobre la explicación de los principios del hadiz
تنقيح القول الحثيث بشرح لباب الحديث
Investigador
بدون
Editorial
مطبعة مصطفى البابي الحلبي
Número de edición
الرابعة
Año de publicación
1377هـ / 1957م
Ubicación del editor
القاهرة / مصر
والعلم بأن الذنوب والمعاصي مهلكات مبعدات من الله عز وجل ، ومن جنته وتركها فقرب إلى الله عز وجل وجنته ، وآدم عليه السلام لما أكل من الشجرة المنهي عنها تطايرت الحلل عن جسده ، وبدت عورته ، وبقي التاج والإكليل على رأسه ، فاستحيا أن يرتفعا عنه ، فجاءه جبريل عليه السلام ، فأخذ التاج عن رأسه والإكليل عن جبينه ، ونودي هو وحواء أن اهبطا من جواري فإنه لا يجاورني من عصاني ، فالتفت إلى حواء بالحياء كذا أفاد الشيخ عبد القادر ( قال صلى الله عليه وسلم : التائب من الذنب كمن لا ذنب له ) أي فإن التوبة تجب ما قبلها ( والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزىء بربه ) رواه البيهقي وابن عساكر عن ابن عباس ، ولهذا قيل الاستغفار باللسان توبة الكذابين ، وهذا حديث موقوف ، وهو ما قصر على الصحابي قولا أو فعلا ويسمى أثرا أيضا . ( وقال صلى الله عليه وسلم : الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ) رواه الطبراني وأبو نعيم عن ابن سعيد الأنصاري وضعفه البخاري وغيره ، وعلامة صحة الندم رقة القلب ، وغزارة الدمع . ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( جالسوا التوابين فإنهم أرق أفئدة ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( من أذنب ذنبا ثم ندم عليه فهو كفارته ) . وقال الحسن رحمه الله : التوبة على أربع دعائم : استغفار باللسان وندم بالقلب وترك بالجوارح وإضمار أن لا يعود ، ذكر ذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني ( وقال صلى الله عليه وسلم : ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب ) أو شابة تائبة ( وما من شيء أبغض إلى الله تعالى من شيخ مقيم ) أي مصر ( على معاصيه ) أو شيخة كذا رواه أبو المظفر عن سلمان الفارسي ( قال صلى الله عليه وسلم : لكل شيء حيلة وحيلة الذنوب التوبة ) كما قال صلى الله عليه وسلم : ( إن العبد ليذنب الذنب فيدخله الجنة فقالوا : يا نبي الله وكيف يدخله الجنة ؟ قال : يكون الذنب نصب عينيه يستغفر منه ويندم عليه حتى يدخل الجنة ) ذكر ذلك الشيخ عبد القادر الجيلاني ( وقال صلى الله عليه وسلم : لكل شيء دواء ودواء الذنوب التوبة ) . وقال أنس جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أذنبت ذنبا . قال صلى الله عليه وسلم : ( استغفر الله ) قال : إني أتوب ثم أعود . قال صلى الله عليه وسلم : ( كلما أذنبت فتب حتى يكون الشيطان هو الحسير ) قال يا نبي الله إذن تكثر ذنوبي . فقال صلى الله عليه وسلم : ( عفو الله أكثر من ذنوبك ) ( وقال صلى الله عليه وسلم : التوبة تهدم الحوبة ) بفتح الحاء المهملة ، أي الخطيئة وفي لفظ الحوب بضم الحاء أي الإثم ، وروي عن الحسن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لو أخطأ أحدكم حتى يملأ ما بين السماء والأرض ، ثم تاب تاب الله عليه ( وقال عليه الصلاة والسلام : توبوا إلى الله فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة ) رواه الشيخان عن ابن عمر بن الخطاب ، وذكر المائة للتكبير لا للتحديد ، وتوبة العوام من الذنوب ، وتوبة الخواص من غفلة القلوب ، وخواص الخواص مما حوى المحبوب ، فتوبة كل عبد بحسبه ( وقال عليه السلام توبوا إلى الله ولا تيأسوا ) أي لا تقنطوا من رحمة الله ( فإن اليأس ) أي القنوط من عفو الله ( كفر ) ويروى أن رجلا سأل ابن مسعود عن ذنب ألم به ، هل له من توبة ؟ فأعرض عنه ابن مسعود ، ثم التفت إليه فرأى عينيه تذرفان فقال له : إن للجنة ثمانية أبواب كلها تفتح وتغلق إلا باب التوبة فإن عليه ملكا موكلا به لا يغلق فاعمل ولا تيأس ، كذا في الإحياء . ( وقال صلى الله عليه وسلم : عجلوا بالتوبة قبل الموت وعجلوا بالصلاة قبل الفوت ) أي فوت وقتها . | قال سيدي الشيخ عبد القادر : شروط التوبة ثلاثة : أولها الندم على ما عمل من المخالفات والثاني ترك الزلات في جميع الحالات والساعات . والثالث العزم على أن لا يعود إلى مثل ما اقترف من المعاصي والخطيئات . فالندم يورث عزما وقصدا فالعزم أن لا يعود إلى مثل ما اقترف من المعاصي لعلمه أن المعاصي حائلة بينه بين ربه ، ومعنى الندم توجع القلب عند علمه بفوات محبوبه ، فتطول أجزانه وانسكاب عبراته ، فيعزم على أن لا يعود إلى مثل ذلك لما تحقق عنده من العلم بشؤم ذلك ، وأنه أضر من السم القاتل ، والسبع الضاري ، والنار المحرقة والسيف القاطع ، وأما القصد وهو إرادة التدارك ، فله تعلق بالحال ، وهو موجب ترك كل محظور هو ملابس له ، وأداء كل فرض هو متوجه عليه في الحال ، وله تعلق بالماضي وهو تدارك ما فرطه بالمستقبل ، وهو المداومة على الطاعة ، وترك المعصية إلى الموت ، فأما شرط صحته فيما يتعلق بالماضي فيفتش عما مضى من عمره سنة سنة ، وشهرا شهرا ويوما يوما ، وساعة ساعة ونفسا نفسا ، فينظر إلى الطاعات ما الذي قصر فيها ، وإلى المعاصي ما الذي قارف منها ( وقال صلى الله عليه وسلم : توبوا إلى ربكم قبل أن تموتوا ) قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فقال : ( أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا ، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشتغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم تسعدوا ، وأكثروا الصدقة ترزقوا ، وأمروا بالمعروف تحصنوا ، وانهوا عن المنكر تنصروا ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إن إبليس حين أهبط إلى الأرض قال : وعزتك وجلالك لا أزال أغوي ابن آدم ما دام الروح في جسده فقال الرب : وعزتي وجلالي لا أمنعه التوبة ما لم يتغرغر بنفسه ) وعن محمد بن عبد الله السلمي أنه قال : جلست إلى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فقال رجل منهم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تاب قبل موته بنصف يوم تاب الله عليه . وقال آخر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تاب قبل موته بنصف يوم تاب الله عليه . وقال آخر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من تاب قبل الغرغرة تاب الله عليه . وقد روى زاذان عن عبد الله بن مسعود عن سلمان الفارسي أنه كانت في الإسرائيليات امرأة بغية مغنية مفتنة بجمالها ، وكان باب دارها أبدا مفتوحا ، وهي قاعدة على السرير بحذاء الباب ، فكل من مر بها ونظر إليها افتتن بها ، واحتاج إلى إحضار عشرة دنانير أو أكثر من ذلك حتى تأذن بالدخول عليها ، فمر ببابها ذات يوم عابد من عباد بني إسرائيل ، فوقع بصره عليها في الدار وهي قاعدة على السرير ، فافتتن بها وجعل يجادل نفسه حتى أنه يدعو الله تعالى أن يزيل ذلك عن قلبه ، فلم يزل ذلك عن نفسه ، ولم يملك نفسه حتى باع قماشا كان له ، فجمع من الدنانير ما يحتاج إليه فجاء إلى بابها فأمرته أن يسلم الذهب إلى وكيل لها وواعدته لمجيئه ، فجاء إليها لذلك الوعد ، وقد تزينت وجلست في بيتها على سريرها ، فدخل عليها العابد ، وجلس معها على السرير ، فلما مد يده إليها وانبسط معها تداركه الله برحمته ببركة عبادته المتقدمة ، فوقع في قلبه أن الله تعالى يراني في هذه الحالة من فوق عرشه ، وأنا في الحرام ، وقد حبط عملي كله فوقعت الهيبة في قلبه فارتعد في نفسه وتغير لونه ، فنظرت إليه المرأة فرأته متغير اللون فقالت له : إيش أصابك يا رجل ؟ فقال : إني أخاف الله ربي فأذني لي بالخروج . فقالت له ويحك إن كثيرا من الناس يتمنون الذي وجدته ، فأيش هذا الذي أنت فيه ؟ فقال : إني أخاف الله جل ثناؤه وإن المال الذي دفعته إلى وكيلك هو لك حلال فأذني لي بالخروج . فقالت له : كأنك لم تعمل هذا قط . قال : لا . فقالت له : من أين أنت وما اسمك ؟ فأخبرها أنه من قرية كذا واسمه كذا فأذنت له بالخروج من عندها ، فخرج وهو يدعو بالويل والثبور ويبكي على نفسه ، فوقعت الهيبة في قلب المرأة ببركة ذلك العابد فقالت في نفسها : إن هذا الرجل أول ذنب أذنب فدخل عليه من الخوف ما دخل وإني قد أذنبت منذ كذا وكذا سنة ، وإن ربه الذي خاف منه هو ربي ، فينبغي أن يكون خوفي أشد من خوفه فتابت إلى الله تعالى ، وغلقت الباب على الناس ، ولبست ثيابا خلقة ، وأقبلت على العبادة فكانت في عبادتها ما شاء الله تعالى ، فقالت في نفسها : إني لو انتهيت إلى ذلك الرجل لعله يتزوجني ، فأكون عنده وأتعلم منه أمر ديني ، ويكون عونا لي على عبادة ربي ، فتجهزت وحملت معها من الأموال والخدم ما شاء الله ، وانتهت إلى تلك القرية وسألت عنه ، فأخبروا العابد أنه قدمت امرأة تسأل عنك ، فخرج العابد إليها ، فلما رأته المرأة كشفت عن وجهها كي يعرفها فلما رآها العابد وعرف وجهها ، وتذكر الأمر الذي كان بينه وبينها صاح صيحة فخرجت روحه ، فبقيت المرأة حزينة ، وقالت في نفسها إني خرجت لأجله ، وقد مات . فقالت لأهل تلك القرية : له أحد من أقربائه يحتاج إلى امرأة فقالوا لها : لهذا الرجل أخ صالح لكنه معسر لا مال له . فقالت : لا بأس به فإن لي مالا يكفينا فجاء أخوه فتزوج بها فولدت له سبعا من البنين كلهم صاروا أنبياء في بني إسرائيل وهذا ببركة الصدق والطاعة وحسن النية . |
1 ( الباب الرابع والعشرون في فضيلة الفقر ) 1
قال الغزالي : الفقر عبارة عن فقد ما هو محتاج إليه أما فقد ما لا حاجة
Página 48