ولأنه لا يمكننا أن نغفل العلاقة بين الكتابين "الإِيضاح" و"التكملة" نقول: إن من الأرجح أن يكون البعد الزمني بين تأليفهما كبيرًا. وعلى هذا يكون تأليف "الإِيضاح" قبل مجيء عضد الدولة إلى بغداد، وتأليف "التكملة" بعيدة اتصال أبي علي بعضد الدولة حيث رأى أن يؤلف له كتابًا مستقلًا في موضوعات الصرف التي لم يتعرض لها في كتابه "الإِيضاح" فسماه "التكملة" أي أنه يكمل به ما بحثه في الإِيضاح من أبواب النحو.
وعلى هذا يكون التحديد الزمني لتأليف "الإِيضاح" في نهاية الفترة الواقعة بين ٣٤٨ - ٣٦٦ هـ وهي الفترة التي قضاها أبو علي في شيراز، ويكون تأليف التكملة في بداية الفترة الواقعة بين ٣٦٦ - ٣٧٢ هـ وهي الفترة التي دخل فيها عضد الدولة بغداد حتى وفاته؛ أي أن تأليف الكتاب يحتمل وقوعه ما بين ٣٦٥ - ٣٦٨ هـ.
وربما يؤيد ما ذهبت إليه في تحديد هذا التاريخ المتأخر لتأليف التكملة كون التكملة تمثل أعلى درجات النضج العقلي واللغوي لأبي علي، فهي خلاصة لآرائه اللغوية صاغها بأسلوب المتمرس وبإيجاز، وهذا ما سنقف عليه فيما عد.
وأخيرًا فإن نسخة الأصل التي اعتمدتها في تحقيق الكتاب كانت منقولة عن نسخة مكتوبة بخط تلميذ الفارسي، أبي طالب العبدي الذي قرأها على أبي علي سنة ٣٧٦ هـ قبيل وفاته بسنة واحدة وهذا مما يرجح أن تأليف التكملة كان متأخرًا، وإلا فما الذي جعل العبدي وهو ممن لازموا الفارسي يقرأ نسخته في وقت متأخر إلى هذا الحد؟
1 / 37