170

والأصل في ذلك أن الله تعالى أطلق للمريض التيمم؛ لما يخاف من استعمال الماء، فإذا خافه الصحيح، ولم يأمن أن يلحقه تلف أو عنت، فيجب أن يجوز له التيمم قياسا على المريض؛ إذ المريض لم يجز له التيمم للمرض، وإنما جوز له لخوفه من استعمال الماء، بدلالة أن المريض الذي لا يضره الماء لا خلاف في أنه لا يجزئه التيمم إذا وجد الماء، وإذا كانت العلة ما ذكرناه في المريض وجب أن يكون حكم الصحيح حكمه لمشاركتهما في العلة.

مسألة [ فيمن يخاف إن خرج للطلب ]

قال: وكذلك من خاف على نفسه، إن خرج في طلب الماء أية مخافة كانت، أجزأه التيمم، فإن لم يخف، وعلم أنه يلحق الماء قبل فوات الوقت، فعليه المسير(1) إليه، قربت المسافة إليه، أم بعدت.

وذلك أيضا منصوص عليه في (الأحكام)(2).

والوجه في جواز التيمم لمن خاف على نفسه إن خرج في طلب الماء، هو الوجه الذي ذكرناه في المسألة الأولى، ووجه إيجاب المصير إليه إذا لم يخف تلفا، ولا ضررا، هو ما قدمنا القول فيه عند ذكرنا وجوب الطلب للماء على من أراد التيمم، فلا غرض في إعادته.

مسألة [حكم المتيمم يصلي ثم يجد الماء ]

قال: وإذا وجد الماء بعد ما تيمم وصلى وهو في بقية من الوقت فعليه الطهارة، وإعادة تلك الصلاة، فإن وجده بعد تقضي الوقت، لم يجب عليه إعادة تلك الصلاة، وعليه الطهارة لما يستأنف.

وذلك أيضا منصوص عليه في (الأحكام)(3).

والوجه في ذلك أن التيمم عنده يجب أن يفعل في آخر وقت تلك الصلاة، وقد دللنا عليه قبل هذا الموضع، فإذا تيمم وصلى، ثم وجد الماء وهو بعد في وقت من تلك الصلاة وجب إعادة تلك الصلاة؛ لأن التيمم لا يكون فعل في آخر الوقت، وأمكنه أداء الصلاة متوضأ في الوقت.

Página 170