Tajrid
شرح التجريد في فقه الزيدية
Géneros
قلنا: نحن ندفع ذلك من سائر الوجوه التي ذكرناها، ونذكر بعد هذا، وإنما بينا بهذا أن القوم لا يجوز لهم أن يحتجوا بهذه الأخبار على أوضاعهم، فأما نحن فندفعها بأنها منسوخة، وبأن الصحابة أجمعت على القول بخلاف موجبها، وأن أهل البيت عليهم السلام أجمعوا على ما أجمعت عليه الصحابة من ذلك، وأن أمير المؤمنين عليه السلام قال بخلاف موجبها، وروي أن يحيى بن معين ذكر في (التاريخ) أنه لا يصح في الوضوء من مس الذكر حديث، وكان لا يقول به.
فأما ما يبين أن ما روي في هذا الباب يجب(1) أن يكون منسوخا، فهو ما روي عن قيس بن طلق بن علي، عن أبيه، أنه سأل النبي(2) صلى الله عليه وآله وسلم: أمن مس الذكر وضوء؟ فقال: (( لا )).
وما رواه أن رجلا سأله عن مثل ذلك، فقال: (( هل هو إلا بضعة منك؟ ))
وذاك أنه لا يجوز أن يكونوا سألوا عن(3) ذلك إلا من بعد ما بلغهم حديث الوضوء منه؛ لأنه لو لا ذلك، لكان سؤالهم عن ذلك كسؤال من يسأل عن سائر الأعضاء، هل في مسها أو مس شيء منها وضوء؟، وذلك لا معنى له، فعلم بذلك أنهم كانوا سمعوه من قبل، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا وضوء منه ))، يجب أن يكون متأخرا، فيجب أن يكون ناسخا.
فإن قيل، قوله: (( هل هو إلا بضعة منك؟ ))، يدل على أنه متقدم؛ لأنه لو لم يكن كذلك، لكان للسائل أن يقول قد كان الوضوء واجبا من مسه وهو كبضعة مني؟
قيل له: إنه صلى الله عليه وآله وسلم نبه على علة الحكم فيه في ذلك الوقت، ولا يمتنع أن يكون ذلك يصح في وقت ولا يصح في وقت، إذا منع من صحتها الشرع، ألا ترى أن علة الربا لم تكن علة للتحريم قبل تحريم الربا؟ وهي كانت على ما هي عليه الآن، فكذلك ما ذكرناه، وهذا السؤال مأخوذ ممن قال بنفي القياس، وهو ظاهر الفساد.
Página 123