يعيروننا في الكويت وفي العراق وفي دول الخليج بالهزيمة، ونصلى نحن المصريين مرارة الخجل والهوان، وأصيح في نفسي:
لم أكن من جناتها علم الله
وإني بحرها اليوم صال
أمن أجل هذا اللقاء تركت وحيدي حلمي وزوجتي الحبيبة حورية وأمي التي تتلهف علي في غيبتي وتخشى أن يوافيها الأجل وأنا عنها بعيد؟
ولكنني قبلت ما عرضه علي الدكتور فكري، وإن كنت أستطيع أن أضيع حق نفسي فما أنا بمستطيع أن أضيع حق رجل وهب لي ثقته واعتمد علي. فما هكذا نشأت وما بهذا يرضى أبي.
فلأصلاها إذن أياما قاتمة، ولأقضي للدكتور فكري حقه علي، بل إن هنا في الكويت أيضا قوما وضعوا ثقتهم في، ما أحسب أنه يجوز لي أن أتخلى عن ثقتهم قبل أن أربي هنا ممن يساعدونني من يطيق أن يحمل هذه الثقة ويؤدي الأمانة التي أؤديها. وليظن منهم من يظن أنني إلى المال أسعى، فأنا أعرف ما في نفسي، وحسبي هذا إرضاء لها.
وليس السعي في سبيل المال أمرا تأباه الكرامة.
أنا هنا أعرف كيف أعامل من يسيء إلي، فإن من كان عزيزا في قومه يعرف كيف يكون عزيزا في أي قوم.
وأنا أضع كرامتي في مكان لا يستطيع أن يرقى إليه إنسان، فإذا تطاول أحد علي فإنما إلى نفسه يسيء وليس إلي. وتعجبني كلمة قالها معاوية لابنه يزيد حين رآه يضرب غلاما له: «أتعلمه الأدب بأن تضيع أنت أدبك؟» ولم يضرب يزيد غلاما له بعد ذلك قط. وأنا هنا لست على استعداد أن أعلم أحدا الأدب وأفقد في سبيل ذلك أدبي، فلأتذرع بالحلم، وليقضي الله أمرا كان مفعولا. •••
تتابعت الأحداث في مصر، وكان عدلي يعود إلى أهله أسبوعا في كل شهر، وكان يعد مكتبه في الكويت ليقلب الأمر ويزور بعد ذلك مكتب الكويت أسبوعا في كل شهر؛ فقد كان حلمي يشب عن الطوق، وكان عدلي مصرا أن يكون إلى جانب ابنه في هذه الفترة التي يتكون فيها أساسه، فقد كان عدلي يرى أن يقوم هو بواجبه نحو ابنه ويترك المستقبل لمن عنده أم الكتاب.
Página desconocida