إذ لا فرق بين الصنفين في كون الشرائع لازمة لهما، ولذلك خاطبهما الله تعالى في تقرير التكليف لهما وإقامة الحجة عليهما خطابا واحدا فقال: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا﴾ الآية. [الأنعام: ١٣٠].
ونحن بحول (١) الله نورد من الكلام على هذين القسمين ما يتمم المقصود ويكمل المطلوب، مما حررنا القول فيه، وتحرينا الصواب فيما يحويه، على النحو الذي سلكناه في جملة الكتاب، وسميناه لذلك كتاب " تحرير المقال في موازنة الأعمال، وحكم غير المكلفين في العقبى والمآل".
لتكون هذه الترجمة تحتوي على مقصود الكتاب في الجملة، إذ لا يخرج عنها إلا ما يندرج في تضاعيف الكلام مما يستدعيه القول ويوجبه النظر، وأكثر ذلك إنما هو في (التكلم على) (٢) كتاب الحميدي، مثل تعيين المقربين، وما احتوى الكلام فيهم من أشياء مخترعة هنالك، وما شاكل ذلك مما نبهنا على جملته قبل، إذ قلنا: إن كلام الحميدي اقتضى التبعية له فيما ألم به.
وقد يطرأ في أثناء ذلك ما عسى أن تدعو الضرورة إلى التكلم (ق.٤.أ) عليه مثل كلامنا مع أبي محمد بن حزم في قوله تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاء ظَهْرِهِ﴾ الآية [الانشقاق: ١٠]، هل المقصود بها الكافر أو المذنب من
_________
(١) في (ب): بحمد.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب).
1 / 30