ويلزم الحميدي دخول هؤلاء الأصناف الأربعة بالعموم في قوله أول الكتاب: (قد صح النص على أن جميع ولد آدم يوم القيامة على ثلاث طبقات)، إذ المجانين ومن ذكرنا معهم هم من بني آدم وليسوا من الطبقات الثلاث، لأن النص الذي ذكر إنما هو ما جاء في سورة الواقعة من قوله تعالى: ﴿وكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً﴾ [الواقعة: ٧].
ولا ريب في أن الله سبحانه إنما خاطب بذلك المكلفين من بني آدم، إذ هم المستحقون للثواب والعقاب المترتبين على السعادة والشقاوة، وذلك بحسب إيمانهم وتصديقهم أو كفرهم وتكذيبهم.
وبالكلام على الأصناف الأربعة المتقدم ذكرهم، وعلى ما تضمنه كتاب الحميدي من حكم المكلفين، وانقسامهم إلى ما انقسموا إليه يتم الكلام على جميع ولد (١) آدم في المعنى المقصود بهذا الكتاب، ويتبين من مجموع ذلك حكم الموازنة فيمن تلزمه منهم أو تسقط عنه، ثم من تسقط عنه ممن لا يلزمه التكليف يتقرر في جميعهم بالنظر إلى قانون الشرع ما يكون مآلهم إليه في الآخرة.
والقسم الثاني: حكم الجن في القيامة، إذ هم أمة يلزمهم التكليف، وإذا لزمهم التكليف ترتب عليه الجزاء، فلم يكن لهم بد من الموازنة لانقسامهم إلى من يستحق الثواب والعقاب، وتفضيل بعضهم على بعض فيهما كما كان ذلك لبني آدم.
_________
(١) كذا في النسخة (أ) وفي النسخة (ب): أولاد.
1 / 29