ووفاة بمدة قليلة فيهما، فلعل اتفاقهما من توارد الآراء إن لم يكن الشهرستاني تَبع عياضًا في قوله: توفي الشهرستاني سنة (٥٤٨ هـ)، وتوفي عياض سنة (٥٤٢ هـ).
قال تاج الدين السبكي في منظومته في المسائل التي وقع فيها اختلاف بين الأشعري والماتريدي:
قالوا وتمتنع الصغائر من نبي ... للإله وعندنا قولان
والمنع مروي عن الأستاذ مع ... قاضي عياض وهو ذو رجحان
وبه أقول وكان رأي أبي كذا ... صونًا لرتبتهم عن النقصان
وقوله: قالوا: أي: قال الماتريدية تمتنع الصغائر ... الخ، وقوله: وعندنا، يعني: نفسه وغيره من الأشعرية.
الخلاصة:
فيستخلص من هذا المبحث أن حال الأنبياء ﵇ قبل النبوة يجب أن تكون حالة عصمة عن النقائض المتعير بها في عرف أهل العقول السليمة، مثل: السرقة، والكذب، والخيانة، وما عدا ذلك مما يعد ذنوبًا -كبائر أو صغائر- إن كان ذلك النبي متبعًا شريعة سابقة كان معصومًا من ارتكاب ما يعد كبيرة في الشريعة التي هو متبعها؛ ولذلك قال إخوة يوسف في مصر: ﴿لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ﴾ [يوسف: ٧٣]، وأقرَّ الله كلامهم فلم يعقبه بنقضه، كما عقب كلام يوسف بقوله تعالى: ﴿كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾ [يوسف: ٧٦].
وأما ما هو صغائر في تلك الشريعة فلا يمتنع وقوعها قبل النبوة، وأما ما بعد أن يصير نبيًّا فهو محل البحث؛ إذ بعد نبوته يكون له شرع إما سابق أمر باتباعه مثل أنبياء بني إسرائيل؛ ولذلك لم يسكت يوسف لما قال إخوته في شأن أخيهم بنيامين: ﴿فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ﴾ [يوسف: ٧٧]؛ لأنهم اتهموا بما هو معصوم منه، فقال: لهم: ﴿قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: ٧٧]، فإجراء حاله
1 / 47