Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Géneros
فإن قيل: لا نعمة عليه في الدين ولكن عليه نعمة في الدنيا.
قلنا: إذا خلقه لأجل ما ذكرنا، وخلق فيه ما بينا، وصير عاقبته العقاب الدائم صار هذا القدر محبطة زائلة، فيصير بمنزلة من يقتل غيره، ثم يكلمه في أثنائه بكلام طيب في أنه لا يعتد به.
وأيضا فعندهم أنه إنما مكنه من هذه النعم استدراجا إلى الكفر والعقاب الدائم، فهو بمنزلة من يطعم غيره خبيصا مسموما.
ويقال لهم: إذا كان الكافر مسيئا إليه من جهة ربه بالوجوه التي قدمناها، وجب أن يكون للكافر أن يفعل من الذم وسوء الثناء على ربه ما يفعله المساء إليه المظلوم لظالمه وهذا كفر بالإجماع.
ويقال لهم: نعمة الله على عبده في الإيمان أعظم أم نعمة رسوله؟.
فإن قالوا: نعمة رسوله كابروا ودفعوا المعقول والإجماع، فإن قالوا: بل نعمة الله أعظم.
قلنا: ولم ذلك؟.
فإن قالوا: لأن الله تعالى هو الخالق للإيمان، والرسول يدعو إليه، والله تعالى يزين له الإيمان ويخلق القدرة الموجبة له كان فحاله آكد من حال الرسول.
قلنا: فعلى هذا يجب أن تكون مضرة الله على عباده الكفار أضر من الذي يفعله إبليس وآكد؛ لأن إبليس دعا إلى الكفر والله خلقه والقدرة الموجبة له وزينه وأراده، وكل قول قاد إلى هذه المواقف كان في نهاية الفساد، وحقيق على العاقل أن يتجنبه.
ويقال لهم: الأفعال التي تحل في غير محل القدرة وهو الذي نسميه المتولدات، كالقتل والجراح والضرب المؤلم خلقه تعالى أم فعل العبد؟.
فإن قالوا: خلقه منفرد به، وليس بكسب للعبد.
قلنا: فلماذا أوجب القصاص والدية والعقوبة؟.
فإن قالوا: القتل عندنا ما يحل القاتل.
Página 107