القسم الأول في ذكر مقدمات لا بد منها
مسألة [في نعم الله على عباده]
إن سأل سائل فقال: ما نعم الله على عباده؟ وما أول تلك النعم؟ وما الذي يجب على العبد في مقابلة تلك النعم؟.
فالجواب: أما نعمه تعالى على الجملة، فكل نعمة في الدين والدنيا تحصل للعبد فهي منه تعالى.
وأما تفصيل تلك النعم فلا يمكننا معرفته، وهو تعالى أعلم بتفاصيلها، ويجب على العبد أن يشكره تعالى على جميع ذلك على الجملة، بأن يعرف بأن جميعها منه وأن العبادة هو المستحق لها، ويعبده كما أمره، وينتهي عن معاصيه.
فأما أول نعمة له على العبد فخلقه إياه حيا لينفعه؛ لأن غير الحي لا يصح أن ينتفع، والمنافع التي خلق الله الخلق لها ثلاث: تفضل، وثواب، وعوض، ولما لم يصح الثواب والأعواض إلا بالتكليف كلفه ليصل إلى جميع أنواع النعم.
فإن قيل: أليس غيره أيضا ينعم بالإعطاء والمواهب؟.
قلنا: بلى، ولكن ما يعطيه من الأشياء المنتفع بها خلقه تعالى وهو الذي جعل الواهب والموهوب له بحيث له تصح الهبة ورغب إلى ذلك، فمعظم النعم منه تعالى، وإن كان هذا المعطي أيضا منعما يجب شكره إلا أن معظم الشكر له تعالى.
Página 29